في بوكماز قد يتجمد كأس الشاي بين أناملك ، قبل أن تمده إلى شفتيك. 

في بوكماز يلعن الصغار كرات الثلج، ولا يلعبون به كما يفعل الآخرون، صغار احترقت وجناتهم الناعمة ، ولم يعد ورديا كما نحب أن نراه، بل صار مسودا قاتما…

في بوكماز ترفض ندف الثلج أن تنصهر، وتبقى عنيدة ، تزهو أمام أشعة الشمس الباهتة …

في بوكماز يهب رجال بواسل، ليؤدوا صلاة الصبح …يؤدونها وهم على المحجة “البيضاء”…

في بوكماز يفقد الوجه الأنثوي نضارته ،وتعجز أغلى المساحيق أن تعيد إليه ملمسه الناعم وحمرته، التي ألفنا أن نراها في المواسم الفولكلورية وعلى شاشات التلفزة وبطاقات البريد ….

في بوكماز، ينمحي كل أثر للطريق، فتصبح ورقة بيضاء، من الصعب أن تخط عليها سطرا واحدا …

هناك في أعلى الجبل، لا يفرح الصغار بمجيء موسم الثلج، ولا يتقاذفون كراته، ولا يبنون به لا تمثالا ولا قصورا ولا مدائن ….

هناك يتجمد الدم في العروق، ويتجمد الماء في المآقي وفي الصنابير ….

هناك تقترب الشمس من الهامات قاب قوسين أو ثلاثة، فلا تحرق ولا تدفئ..

 هناك تغرب الشمس قبل الغروب، ويحل الليل قبل أوانه، فيحل مدججا بسوط القر وهبات الزمهرير، التي تشق اللحم وتحرق البشرة.

هناك قد يتشقق زجاج المرآة و السيارة و النظارة، وتصطك لأسنان، وينتصب البرد و الثلج و الجليد و الزمهرير أسيادا ، فهل من مبارز…

هناك يودع الناس أيام الصيف المعدودات كما يودعون أحبتهم ويشيعونهم …

هناك، لا سلطان إلا للبرد ومشتقاته، يداريهم ويحنو عليهم،  اعتادوا عليه واعتاد عليهم، ألفوا موعده الذي لا يخطئه، فيستقبلونه بالخشب و الإيمان …

هناك يلتحف الناس بالصبر و الأمل الجميل و الغد الدافئ، وينامون ملء أجفانهم بعد أن سردوا الحكايات الجميلة المُدفئة، ومنوا النفس بكل دافئ ومشع.