إن المتتبع للشأن السياسي المغربي، سيقف على عديد المتناقضات، والتي سنقف في هذا المقام عند واحدة منها فقط. ففي الوقت الذي يقود فيه الملك محمد السادس سياسة دبلوماسية نشيطة، استطاع من خلالها المغرب أن يصبح ثاني مستثمر في إفريقيا بعد جنوب إفريقيا التي تبرز جميع المؤشرات على تراجع دورها بسبب مشاكل سياسية داخلية، وبالتالي قرب أن يصبح المغرب أول مستثمر بالقارة، واستطاع اقتحام مجموعة من الأسواق الإفريقية ونسج علاقات دبلوماسية مع شرق القارة، بعد أن كان اقتحامه عصيا إلى وقت قريب وذلك من خلال الزيارات التي يقوم بها العاهل المغربي منذ وصوله الحكم والتي وصلت حوالي 26 زيارة بعد الزيارة الأخيرة لجنوب السودان وحوالي958 اتفاقية همت مختلف المجالات.  

وكللت هاته الدبلوماسية النشيطة بعودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، ليسهم في حل مشاكل القارة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بفضل التجربة التي اكتسبها سواء في علاقاته مع شركائه الأوربيين أو في علاقاته الثنائية مع الدول الإفريقية. 

العودة إلى الاتحاد هي عودة إلى الجذور المؤسساتية، وتصحيح لخطأ تاريخي بنهج سياسة الكرسي الفارغ، وهي محاولة لتصحيح المسار من الداخل وبالتالي التضييق على جمهورية الوهم بهدف طردها من المنظمة القارية، لكونها تفتقد لمقومات الدولة.

الدبلوماسية الملكية سمتها الأساسية السرعة والدقة،واستثمار المكتسبات التي تحققت عبر سنوات بطريقة براغماتية و مرنة.

يقابل هاته السياسة الفائقة السرعة، سرعة أخرى أبطأ من السلحفاة فرئيس الحكومة عبد الآله بنكيران عاجز عن تشكيل حكومة منذ خمسة أشهر وكشف تصريحه الأخير أن لا جديد بخصوص البلوكاج الحكومي وأنه بعد خطابه” انتهى الكلام”،

لم يتصل بأحد ولم يتصل به أحد. ونحن نقول الحمد لله سقط المطر وسقي الزرع، وعم الخير البلاد، وعاد المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، ومؤسساتنا الإدارية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية تسير بألف خير، وكل المؤشرات تنبئ بسنة اقتصادية جيدة، ونحن لا نتوفر على حكومة منتخبة بل مجرد حكومة تصريف للأعمال فأدام الله أيامنا بلا حكومة،ما دامت لا تساير سرعة عاهل البلاد الذي يجوب المدن والمداشر في الداخل ويجوب افريقيا بحثا عن مكانة تليق بتاريخ مملكتنا، وما دامت أحزابنا تتصارع حول المقاعد الوزارية وكأنهم خرجوا من حرب ويتصارعون على تقسيم غنيمتها. إضافة إلى عطالة الحكومة،هناك عطالة البرلمان الذي أنهى دورته الخريفية بحصيلة المصادقة على قوانين عودة المغرب للاتحاد الإفريقي، والتهم نوابه ملايين من أموال الشعب .

في مقابل دبلوماسية ملكية فائقة السرعة،هناك شأن حزبي يعاني من التخبط وعدم القدرة على مواكبة التحولات والرهانات التي تنتظر المغرب، شأن حزبي لم نعد نميز فيه بين اليساري والإسلامي والليبرالي، الكل في سلة واحدة، فقدوا بوصلة تأطير الشباب وإعادة الأمل لأجيال الغد في فعل ساس يسوس سياسة من خلال سياسة حزبية قائمة على الديمقراطية والكفاءة،وليس على سياسة الزعيم الخالد وتوزيع المناصب على الأقارب والأصدقاء.

رئيس حكومتنا المعين، أحزابنا المحترمة، أعيدوا لنا الأمل في السياسة وأهلها، حتى نستطيع الإسهام في رقي وطننا، واجعلوا مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، بعيدا عن الحسابات الحزبية الضيقة وكونوا في الموعد مع التاريخ للنهوض ببلدنا .