كلنا مغاربة وهل في ذلك من شك، فاليقين ذاته ينطق بلسان دارجي ملقح بعربية فصحاء وامازيغية كالفسيفساء، ترسم أصالة ملامح هوية متجذرة في التاريخ على جبين كل مواطن ينطق قلبه من أجل الوطن وأبنائه دون تمييز بل يمتلك الحب الموزع بالتساوي عليهم وبسخاء قل نظيره، فما التاريخ المغربي إلا سلسلة من العطاءات والتضحيات والملاحم. فالوطن يحضن الجميع ولا يفرق بين أبنائه، وبما اننا مغاربة فما الذي جعلنا هذه الأيام المونديالية نطبل ونردد هذه اللازمة كأنها اكتشافا جديدا، والحال أن الحمض النووي للمغربي لو حللناه لوجدناه هو الأقدم على هذه الأرض السعيدة التي أعطت الكثير بفضل موقعها الجيوستراتيجي في مفترق الطرق بين أميركا وأوروبا وآسيا.

إنه لمن الوطنية أن يردد لسان حالنا أننا مغاربة، لأن في ذلك تذكير على أننا أحرارا لا نقبل المهانة ولا نستكين للمذلة، بل ننتفض ضد الظلم ولا ننصاع له، ونحن مغاربة حتى النخاع في كل الأحوال وعند كل مقام ، وليس بمناسبة دون غيرها ، فحضور مغربيتنا حضور سرمدي لا يكل ولا يمل ولا يفتر ، بل إنه وهاج ووقاد في كل الظروف ، وليست مناسبة المونديال ، اللقاء العالمي – حول لعبة كرة  القدم  كل أربع سنوات – هي التي تؤجج فينا شعورنا وإحساسنا بمغربية تنطق بنا وفينا أين ما اتجهنا وأينما حللنا ، لأن المغرب ولد فينا ، كيان للفخر ووطن للجميع ، ولا أحد يجرؤ على أن يزايد في هذا المجال عن غيره من أبناء الوطن الواحد . 

 كلنا مغاربة  نريد أن تشمل كل أبناء الوطن ، ليس مجرد شعارات تطلق هنا وهناك ، بل فعلا متجليا في بنيات إدارية وصحية وتعليمية وقضائية مفتوحة الولوجية بسهولة ومرونة ولا عقبات تعرقل الوصول اليها ، بل أكثر من ذلك ، بما اننا نحن كلنا مغاربة ، وهذ لا شك فيه ، لكننا نريد أن نكرس هذا ونلمسه عبر تقديم الخدمات وتوزيع الخيرات ، خيرات البلاد بنوع من التساوي وفق القدرات المادية والمعنوية والمجهودات المبذول من طرف كل واحد منا ، وفي حالة عدم توفرها ، والله غالب ، هناك الوطن الذي تمثله الدولة ومسؤوليها  ، هم من يتحملوا الأعباء بخصوص هؤلاء ، حتى تضمن كرامة عيشهم ولا يمدون أيديهم لأحد في الشوارع كما هو الحال الآن في أغلب مدننا حيث نرى جحاف من المتسولين ، منهم من فعلا أخرجته الفاقة والحاجة ، لكن أغلبهم يمارسون التسول كمهنة مربحة ، طبعا هؤلاء وجب العمل على محاربتهم وإيجاد الحلول المناسبة لهم ، خاصة وأن القانون الجنائي المغربي يعتبر التسول جريمة ، وبالتالي على الحكومة العمل على تنفيذ ما شرعه البرلمان ..  وتجاوزا لهؤلاء المتسولين بالفعل بمد أيديهم، هناك من يتسول بمد كل جسده، طبعا أقصد الدعارة التي تنخر الوطن وتهين كرامة الإنسان، والتي جعلت بعض الدوائر السياحية تركز عليها للحصول على العملة الصعبة والهينة لتدخل جيوب من لا يتعبون بل يستغلون كل شيء حتى جسد الإنسان لم يسلم من بشاعة استغلاليتهم.  

 كلنا مغاربة ، فعلا وحدتنا لعبة كرة القدم أيما وحدة بعد أن كنا دائما موحدين ومتحدين أيام الثورة ضد الاستعمار الفرنسي والإسباني وقبله في عمق التاريخ المغربي ،كنا مغاربة ومازلنا منذ مواجهتنا لكل أطماع المهيمن الأجنبي ، وتاريخنا تفوح منه رائحة الدماء الزكية لأبناء الشعب المغربي بكل مكوناته العرقية ، توحدنا حول اللعبة للفرح لنتشي ، للخروج من قفص الحزن والكآبة التي حاولت بعض الجهات والتي مازالت تحاول تفتيت وحدتنا من الداخل وتبث التفرقة بشتى الوسائل والدسائس منها ما هو خارجي ومنها ما هو داخلي ، جهات تتحكم في القرارات  بطرق مختلفة عبر استغلال الظروف المحلية والجهوية والدولية وترفع الأسعار وتشعل النار في الأسواق لتثقل كاهل العائلات البسيطة بتقليص دخلها حتى يعجز عن مواكبة ارتفاع الأسعار وتسهل اختراقه واللعب على عقول من يبيعون  كل شيء ، اليست الدعارة منتشرة في البلاد؟ أليس التسول منتشرا؟  والبطالة اليست جبلا معيقا للتنمية الاجتماعية والاقتصادية؟ أليس الجهل فيروسا أكثر شراسة من فيوس كوفيد؟ كل تلك الظواهر ليست طبيعية بل هي نتيجة حتمية لإتباع سياسات معينة لا تراعي وحدتنا ولا التحامنا حول قيمنا المؤسسة على الواقعية والحفاظ على وحدتنا، والتعايش السلمي بين مكونات شعبنا المغربي وضمن محيط سياسي وقانوني وحقوقي وإنساني يسعى للتنمية والكرامة والحرية، كلنا مغاربة لنفرح ولم لا؟ الا يحق لنا أن نفرح؟ عبر أهازيج كرة القدم، وأيضا لم لا؟ عبر بنيات اجتماعية وصحية واقتصادية وتعليمة، يساهم بإقامتها كل من القطاع العام والخاص ألا يمكن أن نفرح من خلال إطلاق كل المعتقلين السياسيين والصحفيين، لأنهم ابناءنا حتى تكتمل فرحتنا ولا ينقص فردا من شعار “كلنا مغاربة“. إن فرحتنا بفوز الفريق الوطني لكرة القدم ستزيد ابتهاجا وانتشارا وإشعاعا عندما نركب كلنا كمغاربة مركب التنمية ونقطع دابر الجهل والفقر والتمييز في الحقوق والحريات ونلحن سمفونية قل نظيرها من مغرب موحد شعبا وترابا محررا من كل معوقات التنمية في مختلف القطاعات والمجال. 

كلنا مغاربة وسنظل كذلك على كل الجبهات لنخلق المعجزة بأيادي مغربية وفكر مغربي، إنها البداية التي تجلت في الفوز الكروي لفريقنا الوطني والبقية آتية، فلقد تبين أنه بمجرد أن نثق في أنفسنا ونلتحم ونتخلص ببعض الشوائب ك “الحكرة ” وتقليم أظافر بعض من مازال يعتبر المغرب ضيعة لهم ليتصرفوا في من عليها كما لو كانوا من منقولاتها ومن ثمة يسمحون لأنفسهم باستباحة الدوس على كرامتهم وحقوقهم، وذلك بالقانون الذي لا يحابي أحدا. 

لقد تأكد للمغاربة أنهم على الطريق، فقط وجب تضبيط ساعة الانطلاق، فكل الظروف هنا مهيأة على التغيير في كل القطاعات، فالشعب مقتنع بذلك، وكذلك النخب المكونة للساحة السياسية التي لن تعاكس التيار العام المتجه نحو مغرب “كلنا مغاربة“، ولو حاولت السير عكس اتجاه هذا  الزحف الحارم نحو شورق الشمس لتأسيس حياة ونمط عيش لا وجود “للحكرة” ولا الدونية بل كلنا مغاربة بحيث الكل سيحمل راية التغيير على كل الأصعدة من أجل غد متطور فيه كل ظروف العيش الكريم والمساواة ولم لا تعميم سبل وظروف السعادة لشعب يستحق كل الخيرات ، والآن وبعد أن وصلنا للدور الثاني وعلى مشارف النهائي ، وبعد أن عرفنا العالم الذي طالما تجاهلنا بل احتقرنا ، ها قد جاءت الفرصة ولن تغيب عنا هذه المرة ، لنكون كلنا مغاربة بالفعل وليس بالكلام والتطبيل ، نحمل وطننا  في عيوننا  ونؤسس مستقبلا زاهرا لكل المغاربة لأننا كلنا مغاربة    ….