يتداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي شريطا مصورا لشباب يتناوبون على اغتصاب فتاة مختلة عقليا داخل حافلة للنقل العمومي، أضف إلى ذلك، صورا مروعة لضحايا اعتداءات تعرضوا لها من منحرفين بواسطة الأسلحة البيضاء، مدن أصبحت عواصم للإجرام؛ كسلا و فاس و طنجة و غيرها من المدن التي تعيش انفلاتا أمنيا حقيقيًّا.

كل القرائن و المؤشرات دالة على أننا نعيش انهيارا و إفلاسا أخلاقيا و قيميا فظيعا، اعتداءات و اغتصابات لم تسلم منها حتى الحيوانات.

 تضافرت عوامل شتًّى على هذه “السيبة” وثمة بيئة حاضنة ومشجعة لها، تتحمل كل المؤسسات مسؤوليتها في تفشي الظاهرة، و تزايدها، بدءا بمؤسسة بالأسرة التي يقتصر دورها على الإنجاب دون تحمل مسؤولية التربية، عملا بمتلازمة”وْلَدْ وطلَقْ”، بات لزاما تقنين الزواج وتنظيم النسل و أن يتم تحميل المسؤولية للوالدين في أي تقصير تجاه الأبناء.

مواطنون تحت رحمة اعتداءات يومية، على يد عناصر تحترف الإجرام و السطو على الممتلكات، مواطنون فقدوا راحتهم في أحيائهم، و رُزِئُوا في أطراف أجسادهم و حملوا عاهات دائمة، و هناك عائلات فقدت أبناءها لا في بقعة من بقع التوتر و الحروب، بل ضحيّة أفراد خارج دائرة القانون. أحياء فرض فيها حظر التجوال، يعد الخروج ليلا إليها، من باب المغامرة و المجازفة.  

إن التعليم الذي يلعب دورا في تقويم القضايا المجتمعيّة، غارق هو الأخر في الفوضى و فاقد للبوصلة، مؤسسات تعليمية تعد مَزَارًا للمدخنين و المدمنين، بقدر ما تسهر الوزارة الوصيّة على القطاع على ضمان الحق في التعلم كحق طبيعي، بقدر ما ساهمت في تمييع الوضع، تغييب العقوبات الزجرية، أفقد للمدرسة هيبتها و مهمتها في التربية، 15% يدخنون السجائر، % 13 يستهلكون المخدرات داخل المؤسسات التعليميّة، و %10 يشربون المواد الكحولية.حسب ما ورد في التقرير الأخير المجلس الأعلى للتعليم حول تقييم المكتسبات الصادر مؤخرا.

إن المقاربة العقابية لن تؤتي أكلها، عقوبات غالبا ما تكون أرحم و أسخف لا تساهم في ردع المتورطين، حيث تحول السجن من مؤسسة تهذيبية إصلاحيّة إلى مؤسسة يتلقى فيها المجرمون  تدريبات على يد عصابات متخصصة في تجارة الممنوعات أو الاعتداء…

إن هذه “السيبة” من مخرجات غياب التنمية و نتاج سياسة التهميش و التجهيل، و عدم الاستثمار في البشر، هي تعبير عن واقع غير منصف وغير عادل، حيث البطالة و الأمية من جهة و حيث الفقر من جهة أخرى، هذه ليست بمبررات لشرعنة الاعتداء على الغير .

الكريساج نتيجة فراغ فكري و معرفي و ثقافي، هو عنف أخر تجاه فشل المؤسسات الرّسمية في التأطير و المواكبة.

إن المقاربة الأمنية التي يطغى عليها الطابع المناسباتي  تبقى غير كافيّة، تنامي الإجرام بالمغرب تعبير عن إفلاس المشروع المجتمعي وتستوجب أكثر من وقفة تأمل لمداواة الخلل بتضافر جهود المؤسسات الأخرى، من مجتمع مدني و مواطنين وإعلام.