7 سبتمبر 2017، موعد بعنوان الاستثناء، الذي وسم الدخول المدرسي الحَالي، بشائره تبدَّت من خلال مجموعة من القرارات  العاجلة التي اتخذها وزير التربية الوطنية  و التعليم العالي و تكوين الأطر والبحث العلمي، القادم من دهاليز وزارة الداخلية.

قاد الوزير صولاتٍ و جولاتٍ بمختلف المؤسسات التعليمية، شمالا و جنوبا و شرقا و غربا، حثَّ على تهييء المؤسسات  التعليمية عبر صباغتها و تأهيل فضاءاتها، وتنظيم عملية تسجيل المتعلمين منذ متم السنة الدراسية، علاوة، على اقتراح هندام” الوزرة” موحد بالنسبة للأطر التربوية و كذا المتعلمين، أضف إلى ذلك توحيد تاريخ الدخول المدرسي  بالأسلاك الثلاثة؛ الابتدائي و الإعدادي و الثانوي التأهيلي، نجح الوزير في التعبئة الإعلامية للمناسبة التي لم تكن تحظى بالاهتمام كما في باقي المواسم، لكن التعبئة المجتمعية و باقي المؤسسات ذات الاهتمام لم فشلت في ذلك.

يأمل المهتمون  و الغيورون على القطاع التربوي إصلاحات جوهرية، تضع حدًّا لهذا العبث و تزيح التعليم المغربي من دوّامةِ الأزمة التي ظل فيها لسنوات طوال، عدد العاطلين في تزايد ملحوظ، شباب يقضي أزهى أيام عمره في أحضان البطالة، وانكسار قيمي وأخلاقي فظيع داخل المجتمع.

ليس شرطا أن يكون الفرد خبيرا و مهتما بقضايا التعليم في المغرب، فالجميع على علم تام بالأزمة التي يتخبط فيها القطاع التربوي، يراها الأستاذ في تلميذه داخل قسمه، ويراها الأب في ابنه داخل بيته، كل الوصفات و المخططات و البرامج  اختلفت مسمياتها، الميثاق الوطني للتربية و التكوين، و المخطط الاستعجالي، لم تمكن التعليم المغربي من الإقلاع، و الخروج   من رقعة الأزمة.

في آخر ندوة عقدها وزير التربية  الوطنية محمد حصاد، لاطلاع الرأي العام على مستجدات الدخول المدرسي خلال السنة،  الذي كان هاجس إنجاحه ضمن أولياته، بعد سنوات من التسيب الذي تعرفه جل مؤسسات المغرب مع بداية كل موسم دراسي.

تبقى سمة التواصل التي يتحلَّى بها الوزير، و كان يفتقدها باقي الوزراء الذين تحملوا المسؤولية، حيث التزام الصمت حيال بعض القضايا التي أثارت الجدل، و التأويلات التي سببت أذى للقطاع و العاملين به على حد سواء، آخِرهم رشيد بلمختار.

اعتراف ضمني بدور الأستاذ الأساسي في الإصلاح، تضمنه التصريح الأخير الذي خص به وسائل الإعلام في ندوة بخصوص مستجدات الدخول المدرسي، حيث ألقى كامل المسؤولية على رجال و نساء التعليم لتتمة باقي المهام، بعد أعلن وزير الداخلية الأسبق حرصه على تحمل مسؤوليته على توفير كل الوسائل اللوجيستيكية.

الأستاذ أصل الأزمة التي يتخبط فيها القطاع التربوي ببلادنا وهو جزءٌ من حلها، غير أنَّ المهنة تعرضت في السنوات الأخيرة، لقصف جارف و عشوائي من طرف الجميع، غدت المهنة التي كانت الحلم المقدَّسَ مثيرة للسخرية، يتقمص ” المُعَلِّمْ”، دور البخيل و الشطَّار في النكت المَرْويَّة بين العامة، فزلة أستاذ على السبورة التي تصدرت أولى صفحات جريدة يومية، ستشغل الرأي  العام و ستكون الفرصة الذهبية للطعن في كفاءة المدرسين الذين اشتغلوا بتفانٍ في تربية النشءْ.

يكفي أن نتصفح وسائل التواصل الاجتماعي، لنستشف حجم التعليقات الحاطّة من كرامة رجال و نساء التعليم، يوم اجتياز امتحانات المهنية الخاصة بأطر التربية الوطنية، تقاسم رواد الفايسبوك صورة ممتحنات داخل في فصل دراسي، نسبت الصورة إلى أستاذات يغششن، رغم عدم وجود دليل ماديٍّ يثبت ذلك، سبقت الواقعة حادثة وفاة طفلة بمدينة مكناس، سعت الأم جاهدة بإلصاق تهمة القتل بمعلمتها دون تريث و انتظار ما سيقرره الطب الشرعي، ثمة أحكام جاهزة ومسبقة راسخة  لدى الغالبية؛ أن الأستاذ يتقاضى أجره دون مجهود، أنه ينعم بالرّاحة و العطل.

الذين لم يضعوا أيديهم في “العصِيدة”، يعتقدون أن المهنة سهلة، تحفل الصفحات و المجموعات الخاصة برجال و نساء التعليم بشكاويهم، من يشتكي الاكتظاظ و أخر يشكو غياب منزل للكراء، و آخرون يشكون المستوى المتدني للمتعلمين، معاناة سيزيفية يومية مع الآباء، مع التنقل اليومي، دون ننسى أولئك الذين يشتغلون في صمت يقومون بجميع الأدوار و المهام؛ الفقيه و المفتي و الصباغ و النجار…

لابد من كلمة حق، هناك من داخل القطاع فئات و إن نَذَرَ عددها، تقدم صورة سيئة عن مهنة التدريس، فهناك من يتذرع بالمرض لتغيب و هناك من يساوم متعلميه  بالسّاعات الإضافية، وهناك من يجعل قسمه مكانا لقراءة الجرائد أو تبادل أطراف الحديث مع زملاء المهنة…