السرطان مرض يرعب الكبار والصغار على حد سواء. وهو لا يقتصر على الأفراد فقط، بل ينسحب إلى درجة  كبيرة أيضا على نمط العيش السائد في المجتمع.

وإذا أردنا أن نقول ذلك بطريقة أخرى، فهناك علاقة جدلية بين أمراض المجتمع وأمراض الأشخاص المحسوبين على هذا المجتمع.

لنبدأ أولا بتفسير بسيط للسرطان بعيدا عن التعقيدات البيولوجية والمفردات الغامضة العلمية المرافقة لها.

السرطان ليس مرضا بالمعنى الإكلينيكي للمرض وإنما هو نتيجة لخلل وظيفي يطرأ على الخلايا العادية.

كيف؟

ذات يوم، تصاب خلية ما ب″جنون العظمة″ فتقرر التكاثر والتضخم بطريقة عشوائية دون مراعاة لجاراتها من الخلايا الأخرى.

النتيجة الأولى :

تستولي هذه الخلية وبناتها les clones على حصة الخلايا المجاورة من الأكسجين ومن المواد المغذية الأخرى.

النتيجة الثانية :

تطرح هذه الخلية وقبيلتها نفاياتها السامة في الجوار مؤدية إلى تعفن الأنسجة الأخرى واختناقها.

تتعدد أسباب هذا القرار الخاطئ أو هذا الاختلال الوظيفي من الاضطرابات الهرمونية إلى التسمم إلى تلوث البيئة…إلى ما هنالك من العوامل التي أحصاها العلماء، لكن المحصلة النهائية تبقى هي هي :

خلية مريضة فقدت السيطرة على نفسها ودخلت في عملية تكاثر لا نهائية 

لنعد الآن إلى المجتمع وما يحدث فيه أيضا من خلل وظيفي على مستوى الأفراد.

يصاب المجتمع بالسرطان عندما يقرر أشخاص ″معطوبون نفسيا″ مراكمة الثروات والتكاثر اللانهائي على حساب الآخرين ودون مراعاة لأية ضوابط أخلاقية أو قانونية.

ولا نقصد بالمعطوبين نفسيا المرضى النفسيين الذين يعانون من المشاكل والاضطرابات النفسية والعقلية والسلوكية كالاكتئاب أو الانفصام…الخ، وإنما هم أشخاص أسوياء ظاهريا لكنهم يعانون من فراغ رهيب داخليا وخراب مهول يحاولون عبثا التستر عليه وملئه بالثروة أو السلطة، فقدوا السيطرة على زمام أنفسهم، لا ينامون بالليل ولا بالنهار، يلهثون وراء السراب بلا انقطاع ويخربون كل شيء يقف أمامهم أو يعترض طريقهم.

مجتمع بهذا الصنف من البشر ليس مجتمعا يسود فيه قانون الغاب كما يقال ويأكل فيه القوي الضعيف، بل على العكس من ذلك تماما هو مجتمع يأكل فيه الضعيف – أي المعطوب نفسيا – الأقوياء والأسوياء من بني الإنسان. ونحن نظلم الغابة بهذا الوصف لأن هذا السلوك غريب تماما في أوساط الحيوان.

مجتمع كهذا وبهذه الطينة من البشر لا محالة يدخل في مرحلة التفكك والانحلال التام لكل شيء، للعمل وللأخلاق وللقوانين وللثقافة…لأن هدفه الوحيد هو التكاثر ومراكمة الثروات بلا توقف وبلا رحمة.

هل نحتاج إلى أن نذكر هنا بان فاجعة الصويرة هي من أعراض المجتمع السرطاني الواقع تحت رحمة فئة قليلة من المعطوبين المترفين الذين لا هم لهم سوى أنفسهم؟