1/في معنى التّجادل براغماتيا؟:

ينطرح هذا الإشكال، كما هو مدون في العنوان السّالف، انطلاقا مما تُجسّده وتُجوهره القضية الفلسطينية في الطرح ” الوحدوي ” لدى قوى سياسية وازنة( أو كانت كذلك )، فاعلة كما هو المرغوب (= حزب البعث العربي الاشتراكي بالعراق وسوريا وببعض الدول التي له بها توابع: موريتانيا، تونس،ليبيا وغيرها من من دول المشرق) أو غير فاعلة بموجب كون طرحها في هذه القضية لم يكن مُشْبعا بالايديولوجيا التي يمكن أن تُسهّل قبوله لدى العامة(= ونعني الجماهير الهلامية: الناصرية وغيرها من المشتقات).والتّجادل مابين المجالين سجّل بداية التّأسيس الحديث للترابط الجنيني بين نزعة التحرر القومي( والقضية الفلسطينية أساسها ) وبين نزعة الديموقراطية، ليس كإسقاط فكري أو سياسي، وإنما كافراز تحتي يستجيب للتطلعات والاحتياجات الضرورية والواقعية.لماذا؟؟.لأن القفز على هذا المعطى قاد ويقود إلى متاهات وهزائم بالجملة.

لم تكن اتفاقية سايكس بيكو الإستعمارية سوى ردّ طافح بالادراك الإستعماري الإستراتيجي لأهمية الخيار التّحرري ببعده ” القومي” الديموقراطي. إذ لم يكن تاريخ العنف الإستعماري القديم والحديث، ولم يكن زرع الكيان الصهيوني في فلسطين سوى ترجمة عملية في مواجهة ذلك الخيار، بهدف تقويض أسسه، ونسف مقوماته. وعلى الرغم من تنامي روح هذا الخيار في وجه الإحتلالات الأجنبية الإستعمارية فإنه لم يحل دون تكريس ” القطرية ” ؟.

2/ في النتائج الأولى لتكريس” القطرية”.

ظهرت النتائج الأولى لتكريس القطرية، في تخثّر الأحلاف وانكماش التوجهات، وهيمنة الانقسامات على التيارات المتنوعة في حركة النهوض العربي. وتوالت الإرتكاسات المؤسسة والمُموّلة إيديولوجيا لمسألة التكفير الديني. هذا فيما أصبحت الرؤية المنفتحة والتي أخذت لبعض المتنورين الدينيين ولو تكتيكيا  من إصلاح الدين وتكييفه مع مستلزمات المدنية والعمران،منطلقا ضمن أخرى في فهم التّجادل المذكور .

يعني ماسبق ، أن الإنهيار الذي يطال العالم العربي على جميع الأصعدة( السياسية منها بالأساس ) أتى تتويجا لانهيار المقاومة العربية وتشظّي طاقاتها، والأهم، أنه أتى تتويجا لإدماج أو” استدماج ” البورجوازية الكومرادورية في شبكة السيطرة العالمية وتحولها إلى أداة سيطرة على الداخل.

وعليه، فقد كان تفتيت المشرق العربي( وربما بعده المغرب العربي؟) وحبس مصر داخل قمقمها، بل والتّأسيس للإستقطابات المستجدة(= تحالف أبراهام )  وللتحالفات الجارية، قد خلّف معطيات معاكسة لنزوع التّحرر ” القومي ” الديموقراطي، وسرعان ما انبنت عليها أدوار ومصالح.حرّكت المطامح الطبقية على حساب أهداف التّحرر والإستقلال(= القضية الفلسطينية؟).وتجسّدت بسِمات سياسية واقتصادية وحتى دستورية؟؟.

لقد ظهرت علامات فارقة طبعت الحركة ” القومية ” الاستدماجية في السنوات الأخيرة وهي التي أفصحت(كعلامة) عن نوع من التّنازع الداخلي في بنيتها : تيار مبني موضوعيا من محصلات وأفاعيل قطرية حادة، في الوقت الذي يحمل تطلعات ” قومية” ذاتيا؟؟. وهي مفارقة (للأسف)تركت أثرا بالغا في ممارسة هذا التيار؟ وفي وعيه أيضا.

3/ تحصيل لابد منه:

تركت الفجوة السابقة أثرا بنيويا بالغا في ممارسة التيار المذكور،ومنها الإطناب الميتافيزيقي الذي اتسمت به، وبصمت به الإيديولوجية القومية عموما؟، لأن التعبير عن ضحالة ومحدودية القاعدة القطرية بمكوناتها البشرية، المادية والثقافية انعكست في نزعة الأسطرة ” القومية” ، وفردانية وجوهرية مكانة القومية في التاريخ.  وبالمُختصر باتت المسألة القومية تُرى من منظار وثني محض.