وزارة الداخلية بالمغرب تعرف بأنها ” أم الوزارات ” و هناك من يعتبرها ‘ حكومة داخل حكومة ‘، هذه التوصيفات لم تأتي من فراغ، فالتدافع السياسي الذي شهده المغرب مند الاستقلال جعل منها ركيزة النظام السياسي و احد صمامات الأمان القابلة لتكيف مع كل المتغيرات.

هده الوزارة تشترك مع نظيراتها من الوزارات بتوفرها على مصالح مركزية و ترابية، نظام قانوني، مؤسسات و شبكة من الموظفين ليسوا كباقي الموظفين العموميين يشكلون العقول التي تخطط لكل ما هو تنموي سياسي-اقتصادي-اجتماعي-امني و هم في الأصل تركيبة مختلطة.

عقول وزارة الداخلية التي قال فيها القضاء الدستوري أن «تحديد شروط و كيفيات تعيين أصناف رجال السلطة يعد من مشمولات المجال الملكي الخالص» تتنوع بين المحضوضين في منصب عامل – في إطار التوزيع السياسي –  و المصالح الأمنية و الاستخبارية و الخبرات  المستقطبة بالإضافة إلى أبنائها من رجال السلطة خاصة فئة  القياد و مساعديهم ( أعوان رجال السلطة : شرايين الوزارة و(parchok   ، هده العقول تشتغل وفق إقاعين ظاهره إداري/تقني و باطنه سياسي.

فادا كانت أم الوزارات في عهد الملك الراحل الحسن الثاني كان هاجسها المسالة الأمنية  و ضبط الحقل السياسي مع تأطير الشأن الديني و المجال الاقتصادي هي المسيطرة على تدخلاتها، ففي عهد الملك محمد السادس استمرت نفس الأدوار مع إسناد مهمات أخرى في مجالات متشعبة خاصة الاجتماعية منها.

وزارة الداخلية، استمرت في مهمتها كدركي اقتصادي عبر منح الرخص و تدبير السياسة الأمنية بشكل مباشر عبر ‘ الأمن الوطني و القوات المساعدة ‘ و من خلال تقارير رجال السلطة فئة القياد نقطة قوتها، و إشرافها على كل الدورة الانتخابية، و مراقبتها لاماكن ممارسة الشعائر الدينية بل ان رخصة بنائها تسلم من طرف العامل، و تدخلها في مجال الحريات العامة  و المفاوضات الاجتماعية خاصة الحوار الاجتماعي  اعتمادا على آلياتها الوسائطية بل حاورت تنسيقيات المعطلين.

الامتداد المجالي للوزارة و توفرها على العتاد و العنصر البشري  و اشتغالها اليومي كخلية جعلها تهيمن على الشأن العام على حساب الوزارات المعنية و هو ما جسد على الأرض الواقع، فحينما وجه الملك رسالته حول التدبير اللامتمركز للاستثمارات للوزير الأول ، أنيط إشراف هدا الملف بالولاة ضمن نفوذهم الترابي مع عملهم على اختيار مديري هده المراكز، و عندما أطلق عاهل البلاد المبادرة الوطنية للتنمية البشرية  لم يجد من غير وزارة الداخلية كبنية إدارية للإشراف و حتى عندما أطلق برنامج راميد استقطبته مصالح الداخلية، بل إن هده الوزارة أصبحت تستبق بعض الوزارة فتأخر إخراج مذكرة وزارية سنة 2016 من طرف وزارة التعليم جعلها تتدخل حتى لا تتوقف المبادرة الملكية لمليون محفظة بل إن الوزارة تدخلت نتيجة استفحال أعمال الشغب بالملاعب إلى إعداد إستراتيجية شمولية لكبح الظاهرة، ام الوزارات تدخلت سنة 2014 لاخراج الحوار الاجتماعي من وضعية الموت السريري و فاوضت ارباب المخابز و موزعي الغاز بعدما فشلت وزارة الحكامة و لاستفادة المتدربين بالتكوين المهني من المنحة فمصالح هده الوزارة هي من ستقوم بالبحث و حصر لوائح الممنوحين على غرار منحة التعليم العالي، و تستقبل المصالح الترابية للوزارة مند 2015 طلبات الاستفادة من الدعم المباشر للنساء الأرامل في وضعية هشة الحاضنات لأطفالهن اليتامى و مند 2014 فتحت مكاتب الأجانب على صعيد العمالات مقار الجهة بهدف تسوية وضعية الأجانب المقيمين بصفة غير قانونية و مع تفاقم الخطر الإرهابي أصبح يضطلع بدور استعلاماتي في تتبع المتطرفين المفرج عنهم و مشاريع المتطرفين و افتحاص المختبرات بالمؤسسات التعليمية.

بالإضافة إلى المهام الإدارية لتدبير مصالح المواطنين من تقديم و تائق و توجيه الموظفين، يناط برجال السلطة حماية النظام العام بكل عناصره  و التدخل في ميدان التعمير و ممارسة صلاحيات الشرطة الإدارية كما وردت في المادة 110 من القانون التنظيمي للجماعات.

العامل هرم رجال السلطة على المستوى الترابي فادا كانت مهامه الدستورية هي تمثيل الدولة في العمالات والأقاليم والجهات، السهر على تنفيذ القوانين – تحمل المسؤولية عن تطبيق قرارات الحكومة – تحمل مسؤولية تدبير المصالح المحلية التابعة للإدارات المركزية، وفق الفصل 102 من دستور 1996 فمع دستور 2011 أصبحت تتجسد وفق الفصل 145 في تمثيل السلطة المركزية في الجماعات الترابية ؛ العمل، باسم الحكومة، على تأمين تطبيق القانون، وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها ؛ ممارسة المراقبة الإدارية؛ مساعدة الجماعات الترابية، وخاصة رؤساء المجالس الجهوية، على تنفيذ المخططات والبرامج التنموية؛ القيام، تحت سلطة الوزراء المعنيين، بتنسيق أنشطة المصالح اللاممركزة للإدارة المركزية، والسهر على حسن سيرها، و ظهير 1993 المتعلق باختصاصات العامل يتضمن مهام تنسيقية و إدارية أخرى بالإضافة إلى عبئ الجماعات الترابية.

الشتات التدخلي لرجال السلطة يجعل تدبيره يتعرض لحوادث مرورية ولو بشكل غير مقصود، فحتى لو تجاوب رجال السلطة مع المفهوم الجديد للسلطة و نهجهم لسياسة القرب فتعدد المهام ينتج عنها إعياء للشخص مما يفرز أخطاء تتنوع بين الإهمال و التقصير بل قد تكون نتيجة عدم إلمام بالمساطر و نقص في فريق العمل، لكن رجل السطة هو من يتحمل الوزر.