صدق الكاتب الفرنسي الكبير فيكتور هوجو حينما كتب أنه ″يوجد شيء واحد لا تستطيع جيوش الأرض مجتمعة أن تقهره : إنها الفكرة التي حان موعدها″

والفكرة لا توجد في الهواء هكذا، بل لا بد لها من كلمة تحملها، والكلمة لا بد لها من قلم يخطها، والقلم لا بد له من أصابع أو أنامل تحمله.

ولأن الفكرة لا لون لها ولا رائحة ولا وزن، فهي تخترق جميع الأغشية الدماغية بلا استثناء ولا تعترف بحدود الزمان أو المكان..وقد تستطيع أن تسجن حامل الفكرة..لكن هل تستطيع سجن الفكرة بذاتها؟

فشكرا لحكومتنا الموقرة لأنها أعطت الدليل بالواضح والملموس لكل من كان يتهكم من الكلمة ومن كتاب الكلمة..الفكرة لا تقهر.

ألهذه الدرجة أنتم مرعوبون من الكلمة ومن أصحابها؟

ألم يكفكم تكميم الأفواه ضد الفيروس لتكمموها أيضا من الكلام؟

يا وزارة الحقيقة، هل تحتاج الكلمة إلى جواز مرور من شرطة الأفكار؟

كيف انقلبتم هكذا بغتة عشاقا للأدب الانجليزي وللكاتب جورج أرويل؟

أتعشقون إلى هذا الحد رواية 1984 ؟

هل تريدون أنتم أيضا أن نردد على مسامعكم صباح مساء ما كان يردده بطلي الرواية ونستون سميث وصديقته جوليا للأخ الأكبر Big Brother :

″ الحرب هي السلام..الحرية هي العبودية..الجهل هو القوة..″

وإذن″ فلنتبرأ من مفرداتنا..ولنكن بلا لون ولا طعم ولا رائحة..ولنكن بلا رأي..ولا قضية كبرى..ولنكتب عن الطقس..وعن حبوب منع الحمل -إن شئتم – لأن هذا هو القانون في مزرعة الدواجن″

– عن الشاعر نزار قباني بتصرف-

ودائما وأبدا : يحيا الأخ الأكبر..يحيا الأخ الأكبر..يحيا الأخ الأكبر…

عدونا الأول بالطبع الآن هو الفيروس التاجي لكن عدونا الثاني والأخطر هو الحرية التي ينادي بها الخائن كساندرle traitre Cassandre والذي يطل علينا باستمرار من الشاشات les télécrans ومواقع التواصل الاجتماعي والشبكة العنكبوتية.

فلا تنزعجوا، ففي كل يوم سنخصص نحن أيضا دقيقتين للتعبير عن مشاعر الكراهية ضد هذا الخائن الذي يشككك في مبادئنا..الحرية هي العبودية..الحرب هي السلام..الجهل هو القوة…

وكعربون لوفائنا سنتعلم من الآن حسابا جديدا :

2+2 = 5 وليس 4 كما يقول بذلك الخائن كساندر.

عاش الأخ الأكبر..عاش الأخ الأكبر..عاش الأخ الأكبر…

ليسقط الخائن كساندر..ليسقط الخائن كساندر..ليسقط الخائن كساندر…

هل اقتنعتم الآن أم تريدون مزيدا من الركوع والسجود لجلالتكم؟

حسنا! سنلتهم كل ما تقدموه لنا ونتغنى بمصانعنا وسنذكركم دائما بالخير لأن الأعداء يتآمرون علينا وكل العالم يحسدنا.

سنتجنب في كتاباتنا وأحاديثنا خبز الشعير- لن نحن إلى خبز أمهاتنا- والمربى والحليب الطازج وقهوة الصباح…كل ذلك من الماضي ونحن لن ننظر إلا للمستقبل.

هل تعرفون وطنا كهذا حيث يحتاج كل شيء فيه إلى قرار؟

تحيا بلاد قمعستان! تحيا بلاد قمعستان! تحيا بلاد قمعستان!

تذكير بسيط :               من معادلات الحرية  – للشاعر نزار قباني-

لو أن كل عصفور بحاجة إلى تصريح من وزير الداخلية ليطير ولو أن كل سمكة بحاجة إلى تأشيرة خروج لتسافر لانقرضت الأسماك والعصافير.