عقب المباراة الأخيرة التي جمعت نادي الوداد الرياضي المغربي بنادي الترجي التونسي بمناسبة نهائي كأس الرابطة الأفريقية لكرة القدم، قدم مسؤولو الوداد شكاية إلى الاتحاد الإفريقي لكرة القدم بسبب إلغاء هدف و ضربة جزاء لصالح الوداد البيضاوي من طرف الحكم المصري جهاد أبي جريشة الذي اعتمد في قراره على تقنية الفيديو. فبعدما اطلع الاتحاد الإفريقي على الشكاية وراجع سياق أحداث المباراة، اتضح له ان الحكم كان جائرا في اتخاذ قرار قد يكون سببا في القضاء على حلم الوداد بالفوز باللقب الإفريقي لهذه السنة.  وبناء على ما توصل إليه الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، أصدر حكما بإيقاف الحكم أبي جريشة عن التحكيم لمدة ستة أشهر و حرمانه من المشاركة في بطولة الأمم الإفريقية المزمع تنظيمها بمصرفي شهر يونيو القادم. فبذلك عُدَ هذا القرار من أسرع القرارات التي اتخذها الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، فنتج عن ذلك امتعاض و غضب عدة جهات رياضية وإعلامية انحازت إلى صف الحكم. 

فارتباطا بهذا الموضوع نود أن نذكر أن خبراء تحكيم نزهاء صادقوا على شرعية الهدف الملغي بدعوي أن اللاعب الودادي لم يلمس الكرة بيده متعمدا، بل إن الكرة هي التي لمسته بعدما صدها مدافع تونسي .و الغريب في الأمر ان الحكم كان في مكان مكنه من متابعة اللقطة و مشاهدة كل ما حدث بوضوح كبير جدا، و لم يعلن حينها عن لمسة يد، و ترك اللاعبين يواصلون اللعب ثوان بعد اللقطة المثيرة للجدل لأنه فهم و قدر أن لاعب الوداد لم يتعمد لمس الكرة  بيده أوساعده. لكن، وللأسف،عاد الحكم إلى تقنية الفيديو فألغى الهدف، و بذلك أبان عن تذبذب   في قراراته، و عن اهتزاز شخصيته التحكيمية. فحتى نحن الذين لا دخل لنا في كرة القدم قلنا إن الهدف شرعي قبل أن يقضي بعض خبراء التحكيم المنصفين بشرعيته. و صدر عنا ذلك دون تأثير العاطفة، و لكن انطلاقا من سياق اللقطة و بناء على قانون اللعبة. و على عكس ذلك، لم يضمر بعض المحللين الرياضيين و بعض المنابر الإعلامية الرياضية انحيازهم لقرار الحكم متأثرين بالعاطفة و متناسين القوانين المنظمة للعبة كرة و القدم وروح الموضوعية التي يجب ان يتحلى بها الإعلامي و المحلل الرياضي. فهناك من الإعلاميين من أشاد بالحكم المصري من حيث نظافة يده و عفة لسانه و تمرسه في مهنة التحكيم الكروي . و هنا نذكر هؤلاء الإعلاميين أن قرار الاتحاد الإفريقي لم يصدر بناء على خلل أخلاقي او معاملاتي اوتواصلي عند الحكم، بل بناء على خطإ تحكيمي فادح ارتكبه في حق الوداد البيضاوي. فالأدلة السمعية البصرية كانت كافية لإثبات ذلك الخطإ، و بالتالي اتخاذ القرار في حق الحكم بصفة عاجلة، و هذا ما استغربه المدافعون عن الحكم لأنهم لم يعهدوا إصدار قرارات عاجلة، بل كانوا متعودين على التماطل و التأجيل و التحيز لجهة  ما على حساب جهة أخرى.وهذه الأقكار تنبع من فكر رياضي غير ناضج طغى على العقلية الرياضية الإفريقية منذ عقود، فحان تغييرها في ظل قيادة جديدة لها رؤى و أفكار مجددة مستوحاة من تجارب أمم سادت في عالم التفوق الرياضي إنجازا و موضوعية و روحا رياضية.

فإصدار قرار عاجل كهذا سيكون عبرة لكل حكم تسول له نفسه  التفكير في ارتكاب خطإ أبي جريشة خاصة و نحن على بضعة أسابيع من انطلاق بطولة أمم إفريقيا بمصر. و هذه فرصة للحكام الأفارقة للعمل على تفادي أخطاء تحكيمية فادحة يندمون عليها طيلة حياتهم المهنية بل حتي بعد تقاعدهم. فلابد لهم من المشاركة باهتمام في برامج التكوينات المستمرة و حتى التكوينات الذاتية  عبر المطالعة و الاطلاع على تجارب حكام عالميين ما يزالون يتولون مناصب رياضية و تسييرية مرموقة في الجمعيات و الاتحادات الدولية. فحتى الإعلاميون و المحللون الرياضيون لابد أن يستحضروا ضمائرهم المهنية عند التعليق و التحليل ، و أن يلتزموا بالموضوعية حتى و إن كان فريقهم المفضل طرفا في مباراة كرة قدم.