لا أعرف هذا المثقف المرموق شخصياً، ولم ألتق به يوماً، لكن احتككت به كفكر واع، وتحليل فذ، ورؤيا عميقة للظواهر والقضايا بموضوعية وتجرد. ليس كتابه ذائع الصيت “الشيخ والمريد : النسق الثقافي للسلطة في المجتمعات العربية الحديثة” هو وحده الشاهد بنبوغ الرجل وصرامته العلمية، بل أيضاً “الرهان الثقافي وهم القطيعة“، و“حكاية حج، موسم في مكة“، و“الداخلي والخارجي في التنظير للظاهرة القبلية“… علاوة على العديد من الفيديوهات منذ 2011 بعيد حراك 20 فبراير، الذي كان فيه داعماً وبدون قيود لمطالب الشارع المغربي.

ليسغريباًعلىهذاالمفكروالمثقفالملتزمبقضاياشعبهأنيرسلإشاراتدائمةوقويةللمؤسساتالسياسية،لكيتتحملمسؤوليتهاالتاريخيةإزاءالشعبالمغربي،وأنمسارالسلطويةليستاريخاًأبدياًبقدرماهومسارخاضعلموازينالقوىالدوليةوالمحلية،ومتىماتمتالشروطالذاتيةوالموضوعيةللفعلالنضاليكانذلك،ولارادلنضالالجماهيرالشعبية.

إنرسالةالأنثروبولوجيالمغربيعبداللهحموديلمعتقليالريف،التيمفادهاأنالمعتقلينوعائلاتهمليسواوحدهم،تجعلأحرارالعالمومثقفيهالملتزمونيحسونبالفخرتجاهتعاطفهمعالقضاياالعادلةأيكانت. فمصير كل شيء الفناء، فلم الاستكانة والخوف من مصير لا علم لأحد بما سيجري له سوى خالقه… ! لعل هذه الرسالة ترمز إلى أن هذا الرجل بوتقة انصهر فيها ما هو ثقافي/علمي بما هو نضالي ملتزم، لأن قضايا الحرية لا تقبل الحياد لدى الأحرار … خاصة أنه ليس من اليسير إبداء المثقف رأيه في المجتمعات الثالثية… وإن كان الأمر عكس ذلك؛ أليس في هذا المجتمع من المثقفين من يشارك الشعب همومه؟ أليس هو ذاته المجتمع الذي يحتوي الكثير من الأساتذة الجامعيين والباحثين والخبراء والواعون سياسياً بخطورة ما يحدث في الفضاء السياسي والحقوقي؟

إنهذهالمرحلةمنتاريخالمغربالمعاصرلاتحتاجإلىانصافالحلول،ولاإلىمرآةكاذبةلاتعكسالواقعكماهو،ولاإلىرجالاتكُذَّبٌأونساءكواذبُ،اعتادواصناعةالكذببإسمالعلمتضليلاًللمجتمع،ومحاولةمنهملإسقاطماتبقىمنصورةالمثقفالحقيقيالملتزم،حتىانبرىهذاالمثقفليعيدللصورةبريقها،ويعلنأنإلتزامالمثقفلامساومةعليهسوىبتكرسالحقوقوالحرياتوالتوجهنحوالديمقراطيةلاوهمالديمقراطية… إنه ليس من طريق ثالث غير التمعن فيما قاله الشاعر المصري هشام الجخ : “إنَّ هذا الشعبَ حمَّالٌ… وإنَّ النُّوقَ إن صُرِمَتْ… فلن تجدوا لها لَبنًا، ولن تجدوا لها ولَدَا… أحذِّرُكم!… سنبقى رغم فتنتِكُمْ فهذا الشعبُ موصولُ…”

وأخيراً؛قدلايحتاجد. عبد الله حمودي إلى شهادة انسان لا يعرفه أحد مثلي، لكن هذه السطور بمثابة اعتراف بالجميل وهدية رمزية لأحد أحرار هذا العالم اللعين… أنا فخور أنني أبادله نفس الإسم، وأتمنى أن أبادله نفس الطموح…

مهتم علم الاجتماع السياسي