“حرية كرامة عدالة اجتماعية “. لطالما قضت هذه العبارات مضجع الأنظمة الاستبدادية إذ ترى فيها ثورة تهدد عروشها، فيرتفع منسوب البطش والتجبر، وينزل منسوب انسانيتها تحت الصفر. هذا النوع من الهتافات يزلزل الدنيا تحت أقدام الحكام و من ينتسبون إليهم، ومن يواليهم من رعاياهم، وسرعان ما تتحول المعركة من صراع بين المطالبين بالحقوق وبين العدو الأول الذي يتمثل في النظام المستبد، إلى حرب ضروس يشنها موالوه ضد المطالبين بحقوقهم.

إن لم يبغض الجميع هذه الانظمة ما استطاع إلى ذلك سبيلا، إن لم يبغض الكل بلطجتها و إجرامها في حق الشرفاء و الأحرار نساء ورجالا، الفاتكين بحيوات الناس والسافكين دماءهم، إن لم يبغض الكل هذه الأنظمة برموزها وإعلامها وجنودها، فلا خير يرجى من هذه الشعوب بتاتاً.

ما يحدث في المغرب من قمع ممنهج لا يمت للإنسانية بصلة. لقد بلغ العنف مداه في التعامل مع الحراكات السلمية التي شهدها المغرب منذ حركة عشرين فبراير إلى حراكي الريف و جرادة، باعتبار أن النظام أصم أذانه عن الحوار فلم يطرح بديلا عن العنف سوى عنف مضاعف. وزاد من شدة العنف ووقعه مباركة مواليه من المحسوبين ظلما على فئات الشعب.

ولأن الثورة هي خيار الشعوب في التصدي للاستبداد، كونها تنطلق من كون الشعب هو الثابت الوحيد في المعادلة، في حين أن الحكومة  والدولة هي المتغير، فإن الحراكات والهتافات المزلزلة للعروش الخاوية الهشة لن تتوقف بسبب سوء تدبيرها، وحتى وإن خفت وهجها بعد قمعها فإن الأجيال الناشئة في ظل الحكم المستبد ستبتكر ألف طريقة للمقاومة، وألف ميدان للدفاع عن حقوقها، وستبدع ألف طريقة لمناهضتها.

إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر، ولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر، ولو كانت العروش الإستبدادية دائمة لدامت للذين من قبلهم، ومن والاهم.