هل أستطيع الهروب من هذا السباق الأسطوري؟  سباق نبوة ، أضع قناعا وأحمل رقما إشهاريا مستوردا، أتعرى وأخوض حربا دونكوشوتية ، أجلب معي كل قبائلي ومريدي ، بالهتاف يدعون لي بالنصر المبين. أليست النصرة علامة على  القوة والتمكين؟ هكذا رفرف خيالي في جنون..

عندما كان نابوليون بونابرت يقول لأصدقائه أو بالأحرى شامتيه     ” إن قوة الإنسان  تكمن في قدرته على التخييل” فإنه كان يعرف جيدا أنه كان يكذب، لأن الخيال  سيقوده  في نهاية المطاف إلى النفي ثم  الإنتحار في جزيرة مهجورة ، وهل يبقى لنا بعد هذه الدراما التاريخية أن نتشبت بمقولة مأثورة ونعيش طول العمرعلى تحقيقها أو على الأقل الانتشاء بها والتشبت بها ؟ وهل نستطيع في الوطن العربي أن نعتمد على الخيال للخروج من ورطتنا؟ هل من حقنا أن نتخيل خارج الإطار المرسوم لنا ؟  

الخيال، فسحة جميلة نحو آفاق بعيدة، نحو الذي نسعى لتذوقه ومعانقته بجنون . لكن ألا يجب أن يكون هذا الخيال معقولا، منطقيا ومبنيا على الحواس الجميلة؟ وترجمته إلى الواقع  بالإيمان الأول : العلم والمعرفة ؟

هنا تتحقق متعة السباق الحقيقي في عوالم السؤال وبحار المعرفة، معرفة الذات النائمة على فراش الأنانية المفرطة، ومعرفة الآخرعندما نذوب فيه كقطعة سكر ونتآلف ونكتب قصيدة المجد.

لماذا يامعلمي سارتر تريد أن ترعبني بقولك ” أن الآخر جحيم” وماذا لوكان هذا الآخر امرأة عربية بلون الأرض وطعم الثمر ؟ كيف ستكون نهاية السباق ؟ 

نشيد القلاع المسكونة بالشك المريب في ملكاتنا، في أذواقنا في القريب إلى قلوبنا ، في المطرالذي ينتشي به أطفالنا ، في الورق الذي نخلد فيه أشعارنا. ما الذي يجري؟ لماذا الكل يتسابق لينسف ذاكرتنا؟ هل هذا من إبداع خيالنا ؟ 

تتراقص أمامي، صورة أمي والجارة في عناقهما يوم العيد وتتبادلان القبل – كعاشقي  أول موعد -، وقطع من الخبز والحلوى بطعم الدرب القديم والأطفال باللباس الملائكي يتسابقون على تقبيل الأيادي للفوز بالعطاء والدعاء المستجاب. لماذا أصبح السباق استعراضيا الآن ياأمي ؟

لماذا أصبح خيالي يهرب مني إلى منطقة ضيقة كعين الإبرة، ويركب سفينة شاخت، ناقلا أحلام جيل بكامله. ماذا أصابني؟ ماذا أصابكم ؟ 

أمازلتم تتشبثون بأن المسؤولية كانت لنبي ؟

لن ينتهي السباق، سنظل أسرى وذاكرتنا معتقلة ما لم نصنع خيالنا  بأنفسنا ونكاشف هذا الزمن المستعار.