قرأت في مذكرات أحد المستعمرين الفرنسيين (وليس مؤرخي البلاط ممن يتعمقون في جرد أحداث حقبة ويكثرون في تسليط الأضواء عليها بينما يمرون مرور الكرام على أخرى, حسب طبيعة قرارات السلطان آنذاك) أن مُقاوما  من قبيلة زيان الأمازيغية بخنيفرة طلب -بعد 1950- من ممثل إدارة الإستعمار بالمغرب الرحيل لأن الجيل المُفرنس ـمن المغاربةـ الذي أفلحوا في تكوينه سيقوم بنفس مهام الإستعمار بل وأكثر.

ودِدْتُ لو أطال الحق تعالى في عُمرِ ذلك الجهبذ الفَذّ من المقاومين الأقحاح ممن ضحوا بالغالي والنفيس في سبيل حرية الوطن والمواطنين حتى يرى استشرافه للمستقبل أيام العز آنذاك واقعا على أرض الوطن أيامنا أيام الذل و البُخوع هاته.

نعم إنها التبعية العمياء؛ تبعيةٌ جعلت مُسيري شأننا العام من “وليدات فَغَنسَا المُخلصين” يُبرمون صفقة TGV مع شركة ألستوم الفرنسية (إرضاء لفرنسا على فقدان شركتها المصنعة لطائرات Rafale لصفقة التسلح الجوي المغربي لصالح الشركة الأمريكية المصنعة لطائرات F16) بدون إخضاعها لأبجديات مبادئ تنافسية السوق الحرة؛ نعم بدون تمريرها عبر مصفاة طلبات العروض في وطن قيل عنه “وطنُ ترشيد النفقات”…!

إنه الوفاءُ في التبعية؛ وفاءٌ وإخلاصٌ جعلا مُطيعي إملاءات ماما فَغنسا يُرغموننا على الخنوعِ فالخضوع لسياسة “كْويهْ بْشْحمتو.. ومن لحمو لْقّْمْ ليه” التي تنهجها حفيدات شركة ڤيوليا الفرنسية (الشقيقتين المرضيتين أمانديس وريضال) في حق شعب كُتِبَ عليه “التدبيير الفوضوي”  قدرا منزلا، ومن جادل في حتمية القدر فهو داعٍ لفتنة لا محال..!

عُميٌ، بل هو حقا قبول للذل وإظهار لقابلية للإستغلال جعلت شعبا يستأمنُ العجوز “مول المخ طار” على القادم من أجياله تربويا (بعدما أفلح سابقُه “خشيشن معانا رطيطب معاهم” في إيصالنا عبر مناهجه إلى الحضيض الذي نحن عليه الآن) بينما الشغل الشاغل ل”المخ طار” ،على ما يبدو، هو التفاني في رد جميل المكانة الإقتصادية والسياسية التي أوصلته إليها ماما فغنسا.

مُهِّد لإستعمار المغرب من لدن عدة قوى أجنبية لسنوات، واستنزفت خيراته إبان الحماية (حماية من ممن ولماذا..؟) بشكل فظيع، واستغنت عائلات على حساب تفقير بقية الشعب منذ 1956.. فَأَمَا آنَ لهذا الظلم أن ينتهي !؟