كن إسلاميا أو علمانيا أو غير ذلك فأنت إرهابي ما دمت تحمل إسما عربيا، ما دمت تتحدث اللغة العربية وتنتسب إلى الإسلام. هذا ما يؤمن به الشارع الغربي خاصة في هذه الأيام بعد الضربة التي أصابت باريس من طرف مجهولين. هناك مفارقة عجيبة مفادها أن الإعلام الدولي الرسمي وغير الرسمي حين وصفه للإرهاب فهو في الغالب لا يتهم جهة معينة وحتى إن توجه بالكلام نحو ما يسمى” بداعش” فيقصد ذلك الإسلام ومن ينتسب إلى الإسلام، وأما الإعلام العربي فهو في حيرة من أمره بحيث لا هو استطاع أن يدفع التهمة الملقاة على عاتق العرب والمسلمين ولا هو أفلح في إقناع الشارع الغربي أن الإرهاب والقتل لا علاقة له بسماحة الإسلام ورحمة الإسلام بالإنسان. أي إنسان.

لقد ركب الإعلام العربي سفينة الإعلام الغربي وأخذ يستلهم رؤية هذا الأخير في تناول الموضوع ويجتر حديثه ويعيد صياغته بشكل من الأشكال لا أقل ولا أكثر. فإن قال الإعلام الغربي إن الإسلام خطر على الغرب ولا ثقة في من ينتسبون إليه، ردد إعلاميونا في تلفزاتهم الرسمية نفس اللازمة لكن بطرق ملتوية تأويلها هو وجوب التخلص من الإسلام بوضعه في أركان المساجد او في زوايا الصوفية. وهم بذلك يقصدون الحركات الإسلامية المعتدلة التي تتعارك في الساحة السياسية مع نظرائهم العلمانيين واليساريين.

 إنها مصيبة أصابت إعلامنا العربي الذي ما زال منبهرا بما ينتجه الغرب ويصنعه في كل شيء حتى مضامين الأخبار أصبحت لدى إعلاميينا الكرام مادة دسمة وجب الإقتيات منها على أية حال.

 الحديث عن هذا الموضوع يثير الشفقة خاصة إذا علمنا أن القارئ العربي بدوره كذلك يصدق كل ما قيل في الإعلام بدون تنقية ولا تصفية ولا تروي. كل شيء قيل أو كتب فهو عين الصواب حتى وإن اتهموه في دينه ونبيه.

هذا الإرهاب اللعين اللصيق بالمسلمين طبعا لا علاقة له بالإسلام وحاشا ذلك أن يكون مهما أعطونا هؤلاء القتلة من دلائل مطبوعة في كتب علماء النفط

إن الإرهاب فهو صفة لا زالت لصيقة بالمسلمين والعرب منذ 11 شتنبر والتي كشفت بلا مواربة عن حجم العداء الذي يكنه الغرب لدي العرب بشكل عام، وبالتالي فمهما خصص العرب من خطب دينية ومهما استنكر العلماء ومعهم المنظمات الإسلامية،  وخرج الناس في العالم الإسلامي يطالبون بقطع الطريق عن الإرهابيين،  يبقى هذا كله لدى الغرب كمن يصيح بأعلى صوته في بحر عميق ولا أحد يسمعه حتى وإن تقطعت حباله الصوتية.

إن الغرب،  وهنا لا أقصد الفضلاء منهم الذين يدافعون عن الحق، فقد آمنوا بان الإرهاب لا ينتج إلا من طرف المسلمين ودليله أنه كلما قام مجرم لا يحمل إسما عربيا فقتل الناس في واضح النهار لا يتم نعته بالإرهابي بل يوصف بالمريض النفسي او لديه خلل عقلي وكفى. وهذا حدث أكثر من مرة خاصة في امريكا وإلا فإن القتل البشع لم يسلم منه أي ركن في العالم خاصة في العالم العربي نفسه ، فقد أصبح موضة رائجة الآن وما يقع في فلسطين وسوريا خير شاهد.

هذا الإرهاب اللعين اللصيق بالمسلمين طبعا لا علاقة له بالإسلام وحاشا ذلك أن يكون مهما أعطونا هؤلاء القتلة من دلائل مطبوعة في كتب علماء النفط. الحال أنك قد تكون عربيا نعم وتنتسب إلى الإسلام لكنك مجرم وقاتل وليس بينك وبين الإسلام إلا الخير والإحسان. وهذا يعتبره الشارع في ديننا الحق “عاصي” وجب عليه التوبة والإنابة إلى ربه والدخول في سلك الطائعين لربهم، لكن الغرب لا يريدون ان يفهموا ذلك. إنك ارهابي ما دمت تنتمي إلى الإسلام…

 خلاصة القول أن الإعلام العربي يشهد تقهقرا لم يعرف له مثيل في تاريخ العرب والذي للأسف استطاع الغرب أن يجعله كالعجين يصنع به ما يشاء وفي أي قالب شاء. وما الإعلام العربي إلا جزء من أمة عربية ممزقة الأطراف تابعة خانعة خاضعة للغرب القوي و الذي يعتبرها سبب الإرهاب وبالتالي وجب علينا الاستقواء به أمنيا وعسكريا واقتصاديا وتربويا وإعلاميا. لكن عقيدة الغرب تنبني على كرهنا نحن العرب مهما أحببناهم لأننا منتوج صناعتهم التي أرادوها ولذلك لا نستغرب حين نجدهم يقولون مؤخرا لا نريد عربا ومسلمين في بلادنا ونحن نقول كلنا تلك البلاد.