مغازلة المعارض للنظام هي فعل مشابه لقط بريء يحاول أن يصبح جنب الأسود، لينتقم فيما بعد من كل قطط الحارة التي لم تسانده زمن ذله. فكان له أن يسيطر على عقولها بخطابات تهجين و تدجين تنتهي صلاحيها و صلاحها حين يصل إلى مركز السلطة، لتذهب أدراج الرياح. و يبدأ إنتقام ثنائي الأبعاد، من الأسود عن طريق الإساءة لصورتها كحامي و سيد، و تعذيب القطط عذابا نفسيا أشد وطأة من كل عذابات العالم. هذه صورة مبسطة لكل المناضلين المعارضين الذين تمكنوا من السلطة، صدفة أو بغير صدفة. أما المعارض المتمسك بمبادئه فقد ظل دوما في معزل عن النظام و السلطة.

و نحن نعيش قاب قوسين أو أدنى من جفاف ستعيشه البلاد، و سيسقط آخر أوراق التوت الإسلامي التي نمت في خضم ربيع أطاح بأنظمة، ورفع أنظمة أخرى أشد منها بطشا، إستحال على يدها إخضرار التلال أحمرا قانيا بالدم. ولكم في مصر، تونس، و ليبيا عبرة يا أولي الألباب إن كنتم تبصرون. الحزب الحاكم خطب ود المغاربة بإسم الدين، و بإسم الدين وأد أحلامهم، بعد أن صور لنا مغربا مثيلا باليوتوبيا و صعد بذلك إلى أعلى هرم السلطة، ليبدأ مسترسلا في الأعذار الواهية المتمثلة في قدرة العفاريت و التماسيح على تحويله إلى ديستوبيا، في إشارة إلى حكومة الظل و الدولة العميقة. و بدل أن يحاسب من نهبوا و سرقوا أموال الشعب كما وعد، عفى عنهم تحت ذريعة عفى الله عما سلف. الله لم يغفر للشيطان خطيئته، فكيف تغفر أنت باسمه عن هؤلاء الشياطين يا سيادة رئيس الحكومة؟

أكان التغيير المنشود هو من سيء إلى أسوأ، بلغة مشفرة فك غموضها ما تمارسه حكومتك؟. كل هذا و ذلك دليل ملموس أن الديموقراطية و العدالة و المساواة بين القوي و الضعيف مصطلحات غامضة، مفهومها ساخن كأجواء المغرب هذه الأيام. لا يحدد معناها إلى من هو في السلطة و في يديه القوة. و قوة التماسيح و العفاريت أقوى من أن يواجهها بنكيران، و إلا سيدوسه قطار، في استحضار للمثل العامي “دربو تران“. 

لقد تقمص الإسلامي شخصية “دراكولا” و ارتوى من شرب دماء الوطن، و الدم محرم شرعا، أم أنتم لا تعلمون. ليفرض الطاعة في ثوب سبط منبثق من لدن الألوهة فاستعبد الناس وروعهم، و ملف الأساتذة لم يكن سوى آخر ثوب يسقط عن عورة حكومة الإسلاميين في بلاد أمير المؤمنين.

إن عدالة و تنمية الإسلامين إنتقمت من الدولة حين وصلتها إلى ما هي عليه، من دولة تعاني ترهلا بيروقراطيا، وتشوبها العيوب ابتداءا من القصر والحكومة وصولا إلى الشعب المقهور و المغلوب على أمره بلا إستثناء. كذا الفساد الحكومي المتجلية صورته في فضيحة إتفاقية تأمين المنتوج الفلاحي, و ما خفي كان أعظم. فالمشاكل الإجتماعية المنتشرة بالجملة و التقسيط بشتى ربوع المملكة، ولا ننسى إنتقامها من الشعب بالقبضة الأمنية المحكمة التي رافقت الحكومة و مشت بحذائها في كل ردة فعل لتكميم الأفواه الصادحة بالحقوق و المطالب. و منها قمع الأساتذة المتدربين و الأطباء، الشيء الذي برهن أن الحكومة لا تملك سوى عقلية قاصر، غير قادرة على حلحلة المشاكل إلى بالأحذية الخشنة. كذلك ملف إصلاح التقاعد الذي ترى النقابات المختصة في المجال أنه دس ليد الحكومة في جيوب الشعب بطريقة مشروعة. 

تحدثي يا وقفات المعطلين عن ألم السياط، تحدث يا ريع معاشات البرلمانيين عن عاصب البطن، تحدثي يا شموع طنجة عن غلاء الفواتير، تحدث يا جيب الفقير عن التقاعد و التغيير، تحدثي يا فيضانات الجنوب عن موتى في شاحنات ازبال، و عن التحقيق أين وصل، تحدثي أيتها الثكالى عن ملف فاجعة الطنطان المطمور في درج ما، تحدثي يا صفقة/ إتفاقية الفلاحة، تحدث يا طبيب و يا أستاذ عن طعم ركل أخيك الشرطي لعضامك الرخوة. تحدث أيها المعطل بالأمعاء الخاوية عن طعم الموت من أجل الحياة. تحدث يا وطن عن مناضل صار جلادا.

«إنني لا أصلح لشيء.. أنا فاشل.. مخفق.. خائب ولا أريد أن أعترف بذلك.. الكأس كلها مهشمة منذ البدء ولم أقدر على رأب صدعها وإن أوهمت نفسي بقدرتي على ذلك». هذه العبارة المقتطفة من رواية الطالياني لشكري المبخوث، هي لعمري ما يجب على بنكيران قوله أمام الشعب المغربي بجرأة و صراحة، بعد أن وأد أحلامهم بكل وقاحة. فلم يبقى شرطي إلا وركل ظهور أساتذة الغد، فهل تعليمنا ينقص كي نزيده إهانة؟!!، و لا بقي حذاء لم يدس على أنوف أطباء المستقبل، فهل صحتنا جيدة كي نهين حراسها القادمين؟!!. لم يتبقى في ضباط داخليتك واحد لم يلكز بمنسأته أجسادنا المنهكة و المنتهكة ظلما. فهل هذه هي العدالة أم هي تنميتك و نحن لا ندري. أم كانت فترتك جنازة لكلتيهما.

ردي له هيبته يا حكومة عفى الله عما سلف، قبل أن يخرج هذا الشعب من قمقم كرامته المهانة و كبريائه المجروح، إتق عزة نفس شعبك المهانة يا حكومة التقوى، إتق طوابير الشباب على أرصفة البطالة، أفواه الجياع و غضب المتقاعدين و أنين المرضى المهملين. المؤمن لا يلذغ من جحر مرتين، و ثوب الوطنية لا يخاط بجلباب الدين. أحاجيك سيدي رئيس الحكومة لم تعد تنومنا، و قصاصاتك لم تعد تغازل أحلامنا. الكذبة الأولى نفخت بالون مصداقيتك، و الكذبة الأخرى ثقبته، و أنت الآن تهوي من شاهقك العلوي.