عندما يرفع الزعيم صوته عاليا في وجه الفساد ويطالب بربط المسؤولية بالمحاسبة، فإن الأمر يتعلق برجل يمتلك كاريزم قوية ، وله مساحة صوت شاسعة تستطيع ان تجمع بين القيم والأخلاق السياسية والجرأة السياسية في توظيف اللاءات الوطنية، التي تحمل دلالات الانتماء للوطن أولا ولا تساوم في قضاياه الكبرى او تشرع قوانينا تستجيب لمصلحة الأفراد أو الأشخاص، ولا تمارس المعارضة من اجل كسب الغير المشروع.

صوت هذا الزعيم يضل مستقلا يستطيع أن يتخذ الموقف السليم والمستقل دون الخضوع لضغط الهدايا أو الاستفادة المجانبة من كعكعة الريع بقعة أرضية- خدمات معينة – صفقات- مأذونيات وغيرها من الامتيازات التي تسبب للزعيم فيما بعد أمراضا خطيرة تصيب لسانه وقد تخرسه إلى الأبد… أو يصاب بمرض الزهايمر السياسي …

تتحول الهدايا والعطايا إلى سلاح فتاك ينخر جسد الزعيم، ويشوه صمعته  ويغير من هيئته وتضيع هبته عندما يذاع خبره في أوساط المجتمع .

يقيد القرار السياسي للحزب،ويتوه الزعيم في مجالس ” خدام الدولة ” التي تملي عليه اختياراته الجديدة بل أحيانا تقترح عليه لائحة الأسماء المشمولة بالعطف والرضا وقد يصل الأمر الى درجة تقديم لائحة له بأسماء دخيلة تراها مناسبة ومفيدة لمتطلبات المرحلة السياسية وتتحول الأجهزة السيادية للحزب في قبضة سلطة ” خدام الدولة” التي تحاصر أحلام القواعد التي تحن إلى أزمنة المجد البطولي، و حتى اختيار الاصطفافات السياسية ” معارضة اليوم – أغلبية غدا” هي قرارات سيادية تخضع لمنطق التبعية السياسية التي ورط الزعيم حزبه العتيد سابقا في دهاليزها، و يصبح الزعيم في نهاية المطاف كومبارس يلعب دور بسيط في مسرحية كبيرة.

ويرقص في محافل الكبار .. حتى يضمن استمرار يته ووجوده .. يسكبون له كؤوس الهزيمة ويمنحونه وعدا بالبقاء مؤقتا ويحذرونه من أخطائه القاتلة .

وإن تجرأ على أسياده او أعلن عصيانا ما، يرسلون إليه ” رقاص” يخبره ويحذره وينبهه انه تجاوز الحدود ويذكرونه لعل الذكرى تنفع المؤمنين …