إنهم يفترسوننا..نعم..يفترسوننا كالوحوش الكاسرة..ويستعبدوننا كالقياصرة.

مافيا المال والأعمال وزبانيتهم من ساسة القرار المعلب في قوارير ما وراء البحار.

يعزفون سيمفونية الخراب والدمار في تناغم عجيب ونحن ننصت في صمت رهيب إلى لحنهم الكئيب.

استسلمنا لهم كالخرفان الوديعة يفعلون بنا ما يريدون بأياديهم الوضيعة..لم يعد يحركنا شيء..لم يعد يهمنا شيء.

هم سادتنا نطيعهم كالعبيد..يعربدون كيفما وحيثما شاؤوا بلا رقيب ولا حسيب.

ومازال بجعبتهم المزيد..لن يتوقفوا إكراما لنا..أعلنوا الحرب على كل شيء..على الحيوان..على النبات..على الإنسان..على الجمادات..على الحشرات..على الجراثيم والميكروبات..أشعلوا النار في كل مكان.

ونحن..نرمقهم ببلاهة يفعلون..ثرثارون نحن لا نرعوي..نلوك الكلام كعلكة شوين كوم الأمريكية وننتظر.

يمر شريط المشاهد أمام أعيننا فلا ننفعل..لم يعد يستثيرنا شيء..لم يعد يخجلنا شيء.

مشاهد الحروب والدمار..مشاهد الإرهاب والمجازر..مشاهد الأوبئة المعلبة في الزجاجات..مشاهد المجاعات والهياكل العظمية..مشاهد الزلازل والأعاصير والفيضانات..مشاهد ذوبان الجليد وحرائق الغابات..مشاهد الحيوانات البرية تلوذ بالفرار من النيران لتنفق عن آخرها في الفيافي القاحلة..مشاهد الأسماك والحيتان تنتحر على الشطان..مشاهد أسراب النحل التائهة المريضة تلقى حتفها إلى الانقراض…

اختلطت المشاهد وتكدرت واسودت ولا حياة لمن تنادي.

يدقون طبول الحرب فنلقي السمع بإخلاص.

يستعر أوار نارها فننفث فيه بأفواهنا ونتنافس في البصاق.

تحرق كل شيء وتذر الرماد لنتعارك أينا أولى بنثره في الهواء.

ننتظر..إلى النهاية سننتظر.

لكن..حتما..ذلك شيء تحتاج تسويته إلى حرب.

الكاتب الفلسطيني الشهيد غسان كنفاني.

فمتى يا ترى نعلن الحرب على من يفترسنا وعلى من يريد إبادتنا؟