حَفلَت مواقع التواصل الاجتماعي أو السوشيل ميديا، بصور مروعة لضحايا اعتداءات تعرضوا لها على يد مسلحين، غير أن الواقعة التي استولت على الحيز الأكبر من النقاش بين رواد “الفايسبوك” هو ما تعرضت له زينب الشابة ذات العشرين ربيعا، و التي تعاني اضطرابات عقلية، على يد ستة مراهقين حاولوا اغتصابها داخل حافلة للنقل العمومي بالدار البيضاء.

مقدار كبير من الحظ كان بجانب فتاة الأوتوبيس، فالمشهد المأسوي و المقرف تم توثيقه، قادته الصدفة إلى الرأي العام، وتصويره يعبر عن لحظة انتشاء بالفعل من طرف الشبان الذين انخرطوا في ضحك جماعي كأن ما قاموا به يعد مزحة” غير ضاحكين”، ولو حساب جسد أنثوي له حرمته و قدسيته، وحالات عديدة تعرضت للاغتصاب والاعتداء والتزمت الصمت مخافة العار و الفضيحة.

أجَّج الفيديو مشاعر الغضب لدى الجميع، وتناثرت الأسئلة و الأحكام وردود الفعل، اتفق الكل على أنه مؤشر دال على الإفلاس القيمي و الأخلاقي الذي يعرفه المجتمع. وثمة عوامل و مسببات لهذا الانحدار الذي يقودنا إلى الارتطام بالحائط.

موقعة الأوتوبيس التي انخرط فيها شبان بمباركة السائق بصمته، هي صورة عن وجهنا البشع الذي لم يستطع الإعلام و لا المدرسة في تنوير شبابه، ولا التعليم من انتشاله من براثين الجهل و الأمية، ولا الأحزاب في التأطير و المواكبة، ولا الأسرة في التربية.

ما حصل هو نتيجة تخلف تعليمنا، الغارق في الفوضى، مدارس عمومية أصبحت تعج بالمدمنين و السكارى،  15% يدخنون السجائر، % 13 يستهلكون المخدرات داخل المؤسسات التعليميّة، و %10 يشربون المواد الكحولية، حسب ما أورده التقرير الأخير للمجلس الأعلى للتربية و التكوين، في غياب العقوبات الزجرية…إنه محصلة الإجهاز على التعليم العمومي و القرائن دالة على توريطه في الأزمة على حساب التعليم الخصوصي.

واقعة الحافلة لست الوحيدة و الفريدة في المغرب، سبقتها وقائع و حوادث مماثلة، تنم عن قصور في أداء المهمة التربوية من طرف الأسرة، التي يتوقف دورها عند  الإنجاب و توفير الطعام دون المواكبة اليومية، في ظل المتغيرات المتسارعة الحاصلة في مجالات التكنولوجية و الاقتصاد…

هي مجرد غضبة عابرة ينحصر مداها في حدود العالم الأزرق و سيتم تناسيها مع توالي الحوادث و ستعود المياه إلى مجاريها، وستعم الفوضى و يعود الشغب المعتاد، فالفوضى متأصلة فينا، فوضى الإعلام و فوضى السياسة و فوضى وسائل النقل، لا دين ولا الأمن…قادرٌ على تنظيمنا.

إن هذه الفوضى و الاعتداءات عصارة واقع تعليمي هزيل، ومؤشر يوحي على فشل الأسرة و الإعلام و الدين والأحزاب.