علاج التعريب والفرنسة هو التمزيغ اللغوي وليس الهوياتي
نلاحظ باستمرار عبر تعليقات وتدوينات ومقالات الإنترنت أن شرائح مهمة من المغاربة ما زالت لديها واحدة على الأقل من هذه المشاكل تجاه اللغة الأمازيغية و/أو الهوية الأمازيغية القومية:
آراء أخرى
1 – كراهية أو تخوف تجاه اللغة الأمازيغية لأنهم يرون فيها منافسا للغة العربية لغة الإسلام (لا تجوز الصلاة في الإسلام إلا بالعربية لأن الله لا يقبلها إلا بالعربية حسب فقهاء الإسلام).
2 – كراهية أو تخوف تجاه الهوية الأمازيغية لأنهم يرون فيها بديلا للعروبة أو للإسلام (خصوصا أن الإسلام يتم ترويجه كـ”هوية” identity وليس كمجرد ثقافة أو ديانة أو عقيدة).
3 – تبرير سياسة الفرنسة اللغوية عبر مقولات بدوية بوجادية من قبيل: “قرّيو لفخونصي لوليدات لمغاربا باش ينجحو” أو “غا تزيدو تكلّخو تّلامد بشّلحا و دّاريجا” أو “لن يتقدم المغرب إلا بالفرنسية”. وهذا انبطاح مجاني للفرنسية مقترن بتحقير اللغة الأم. وقد بدأ كثير من المثقفين والعوام يروجون لتوسيع سياسة الفرنسة ويحقّرون اللغة الأم بشكل متزايد مؤخرا بمبرر المنفعة العمومية و”إصلاح التعليم” متناسين أهمية الإنجليزية وغافلين عن الدور المحوري لدى اللغة الأم الأمازيغية/الدارجة في مساعدة التلميذ على اكتساب العلوم وتطوير مواهب التفكير الخلاق ومهارات التعبير السليم القابلة للتطبيق في التنمية والدمقرطة.
4 – اضطراب في فهم طبيعة ووظيفة اللغة الأمازيغية ولهجاتها (بسبب فرض تيفيناغ واستبعاد الحرف اللاتيني في كتابة الأمازيغية، وبسبب حكاية “اللغة الأمازيغية الفصحى المعيار الإيركامية” الوهمية). فمن الغرائب والعجائب أن الحركة الأمازيغية وأنصارا آخرين للأمازيغية أصبحوا الآن يزعمون ضمنيا أو صراحة بأنه توجد أربع أمازيغيات: الريفية، الأطلسية، السوسية/الشلحية، المعيارية الإيركامية (الأمازيغية الفصحى). وهذا الزعم نشرته الحركة الأمازيغية والإيركام وأصبح يستحكم بعقول كثير من أنصار الأمازيغية وخصومها على حد سواء. والحقيقة هي أن سكان منطقة الريف يسمون لغتهم Tmaziɣt وليس “تاريفيت”. فكلمة “تاريفيت/الريفية” هي كلمة مفبركة اخترعها الإعلام المغربي. وسكان الأطلس المتوسط يسمون لغتهم Tamaziɣt. وسكان سوس والأطلس الصغير يسمون لغتهم Tacelḥit ولكن السوسيين القدامى كانوا (كبقية الأمازيغ) يسمون لغتهم Tamaziɣt. والأهم من هذا وذاك أنه لا توجد “لغة أمازيغية معيارية” إيركامية/فصحى. هذه أكذوبة. توجد فقط اللغة الأمازيغية Tutlayt Tamaziɣt بلهجاتها الطبيعية، مثلما توجد اللغة الدارجة بلهجاتها الطبيعية: الجبلية والشرقية والدكالية والمراكشية والحسانية.
أنصار وأتباع الإيركام يزعمون أنه صنع لغة جديدة اسمها “الأمازيغية المعيار” (وهم يقصدون فكرة “الأمازيغية الفصحى” لمحاكاة نموذج العربية الفصحى). والحقيقة أن الإيركام لم يصنع لغة جديدة ولا يحزنون. كل ما في الأمر هو أن الإيركام يكتب اللغة الأمازيغية بكلمات مأخوذة من اللهجات الأمازيغية الموجودة ويكتبها بحرف تيفيناغ وبطريقة التهجئة الإملائية L’orthographe السوسية الشلحية ثم يسمي ذلك “أمازيغية معيارا”، ويغرس في عقول أنصار الأمازيغية وخصومها نفس الفكرة الخاطئة: أن الإيركام صنع لغة “أمازيغية معيارا” جديدة (أمازيغية فصحى). ولأن لا أحد يقرأ حرف تيفيناغ فلا أحد من عامة المغاربة يستطيع أن يتأكد من هذا الأمر أو يناقشه. فتصبح اللغة الأمازيغية بحرف تيفيناغ مجرد طلاسم لا يفك رموزها إلا الراسخون في تيفيناغ. أما الحرف اللاتيني العالمي فهو محرم على اللغة الأمازيغية بفتوى سياسية إخوانية من العدالة والتنمية منذ عام 2003. وإذن فعندما يتم تشفير اللغة الأمازيغية بحرف تيفيناغ الذي لا يقرأه أحد فإنه يتم تعطيل اللغة الأمازيغية وتأجيل كل شيء يرتبط بها إلى المستقبل المجهول. وهكذا تصبح الأمازيغية لغة شكلية ديكورية فولكلورية بدل أن تصبح لغة وظيفية عملية مجتمعية مقروءة بسهولة.
5 – اضطراب لدى كثير من المغاربة في فهم الهوية القومية الأمازيغية وخلطهم الأمازيغية بالعرق (العرق هو لون الجلد والشعر والشكل، ولا يوجد “عرق أمازيغي” ولا “عرق عربي” ولا “عرق فارسي” ولا “عرق جرماني”، وإنما توجد قوميات أو أقوام: أمازيغية، عربية، فارسية، جرمانية…). وإقحام العرق في موضوع الأمازيغية هو نتيجة للبروباغاندات التعريبية والإسلامية الخبيثة التي تنعت الأمازيغية بـ”العرق” من أجل إلصاق تهمة العنصرية والعرقانية بكل من يدافع عن القومية الأمازيغية أو يروج اللغة الأمازيغية. كما أن إقحام بعض أنصار الأمازيغية علم الجينات Genetics / DNA في نقاش الهوية القومية هو خطأ فادح يسهل على خصوم الأمازيغية نعتها بـ”القضية العرقية العنصرية”، وهذا لا يختلف عن إيمان العرب والمسلمين بـ”النسب الشريف” وأن “الخلافة في قريش” وأن “الأئمة من قريش” وأن “الناس تبع لقريش”. كما أن الخلط بين الأمازيغية والعرق هو أيضا نتيجة لتأثر المغاربة بخلط المترجمين العرب بين الكلمتين الإنجليزيتين race (العِرق) وَ ethnicity (الإثنية، القومية). وإحدى أفدح الترجمات الخاطئة التي ارتكبها الإعلام العربي والكاتبون بالعربية هي ترجمتهم الخاطئة لعبارة Ethnic cleansing الإعلامية الإنجليزية (التي سيطرت على نشرة الأخبار في التسعينات خلال حروب البوسنة ورواندا) حيث ترجموها خطأ بعبارة “التطهير العرقي”، أما الترجمة الصحيحة فهي: “التطهير الإثني” أو “التطهير القومي”.
فالصرب والبوسنيون والكروات ينتمون إلى عرق واحد هو العرق الأبيض. إذن لم يحدث في يوغوسلافيا “تطهير عرقي”. وكذلك الهوتو والتوتسي ينتمون إلى عرق أسود واحد. إذن لم يحدث “تطهير عرقي” في رواندا. وإنما الذي حدث في يوغوسلافيا ورواندا هو “تطهير إثني” أو “تطهير قومي” يسمى بالإنجليزية Ethnic cleansing. وتلك الحروب كانت بين قوميات/إثنيات/قبائل ولم تكن بين أعراق.
إذن: العرق شيء مختلف عن الإثنية/القومية. ولا يجوز الخلط بين المفهومين.
وهذا المثال الذي أوردته هو نموذج من الاضطرابات اللغوية والمفاهيمية والفكرية المترسخة لدى ملايين المغاربة وملايين الأمازيغ في الدول الأمازيغية الأخرى. وهذه الاضطرابات اللغوية والمفاهيمية تتسبب في تعقيد وتسميم مواقفهم تجاه الأمازيغية لغة وهوية. الاضطرابات الموجودة لدى هؤلاء المغاربة شديدة التعقيد ولن تزول أبدا لأنها جزء من تكوينهم الشخصي والمعرفي الذي تربوا عليه في البيت والمدرسة والمسجد والتلفزة ونشرة أخبار فلسطين وإسرائيل والبوسنة ورواندا والعراق وكردستان.
من الصعب أن تتغير عقليات الذين لديهم مشاكل أيديولوجية مع الأمازيغية لأن مشاكلهم مع الأمازيغية هي مشاكل بنيوية في بنيتهم الفكرية والعقائدية والدينية ومطعمة بإعاقات لغوية واضطرابات ترجمية ومفاهيمية.
هنالك شيء واحد يمكن عمله تجاه هؤلاء المغاربة (المعرَّبين تاريخيا أو مدرسيا أو المستعربين ثقافيا ودينيا أو التعريبيين عمدا وإصرارا)، وهذا الشيء هو: مساعدتهم على تعلم اللغة الأمازيغية وتقديم اللغة الأمازيغية لهم أو تيسير وتسهيل وصولهم إلى اللغة الأمازيغية شفويا وكتابيا، ورقيا وإلكترونيا.
وأنا أفضل أن يكون هنالك مغربي يصف نفسه بـ”المغربي العربي” يعرف القراءة والكتابة والكلام باللغة الأمازيغية على أن يكون هنالك مغربي يصف نفسه بـ”المغربي الأمازيغي” لا يكتب ولا يقرأ بالأمازيغية.
وأفضل أن يكون هنالك مغربي تعريبي بعثي يقرأ ويكتب ويتكلم باللغة الأمازيغية على أن يكون هنالك مغربي تمزيغي لا يفقه من الأمازيغية شيئا أو يتكلمها كلغة شفوية فقط ولا يكتبها ولا يهتم بها ولا ينتج بها.
ففي هذه الحالة ستكون اللغة الأمازيغية في أمان أكبر مع ذلك “المغربي العربي البعثي التعريبي” لأنه على الأقل يعرف اللغة الأمازيغية قراءة وكتابة وكلاما وقد يستعملها وينشطها شفويا وكتابيا ولو قليلا (ربما للدفاع عن فكره التعريبي البعثي باللغة الأمازيغية مثلما يفعل أنصار الأمازيغية حين يدافعون عن الأمازيغية باللغة العربية ويساهمون في نفس الوقت في نشر اللغة العربية وتنشيطها).
أما مع صاحبنا “المغربي الأمازيغي التمزيغي” الكسول المتكاسل فاللغة الأمازيغية عمليا غير موجودة إذ لا يبذل أي مجهود لقراءتها ولا كتابتها ولا نشرها ولا الإنتاج بها، فاللغة الأمازيغية معه خاملة (بالإنجليزية: idle) ومصيرها الهلاك بمجرد هلاكه. وبهلاك اللغة الأمازيغية تختفي الهوية الأمازيغية القومية معها.
وبالمناسبة، فهكذا هلكت اللغة الأمازيغية واندثرت في كثير من مناطق المغرب وثامازغا عبر القرون: أهلها الناطقون بها تركوها لغة شفوية خاملة فلم ينشروها ولم يكتبوها ولم ينتجوا بها ولم يورثوها بل انصرفوا إلى العناية بالعربية والتدوين بها طمعا في السلطة السياسية الدنيوية أو جنة النعيم في الآخرة. واليوم أضاف المغاربة إلى العربية لغة مستوردة أخرى هي الفرنسية، وأصبحوا يعتنون بالفرنسية عناية هستيرية فائقة وينشرونها في ربوع المغرب (مع العربية) بحرص شديد يضاهي حرص الفرنسيين أنفسهم على فرنسيتهم، وفي نفس الوقت يهمل المغاربة الناطقون بالأمازيغية لغتهم الأمازيغية أو يضعونها في قفص الفولكلور.
وبالنسبة للمغربي الذي يهتم بالأمازيغية فالطريقة الوحيدة التي يستطيع بها أن ينفعها وينفع الناس بها بشكل له معنى وجدوى هي أن يتخذ من تلقاء نفسه أو بتعاون مع أصحابه كل المبادرات والأسباب والطرق والأساليب التي يعرفها لنشر اللغة الأمازيغية في أوساط المغاربة شفويا وكتابيا، ورقيا وإلكترونيا.
أما محاولة إقناع تعريبي بأن المغرب أمازيغي فهي مضيعة للوقت والجهد. فالتجربة أثبتت أن عقائد الإنسان (القومية والدينية والفلسفية) مترسخة فيه كترسخ الإسمنت المسلح بالحديد في الحيطان. ولا يرضى الإنسان بالتخلي عن عقائده أمام الملأ، بل سيدافع عنها باستمرار ولو أحس بتناقض أو ضعف فيها. تغيير عقائد الإنسان (القومية والدينية والفلسفية) بالإكراه أو بالإغراء أو بالمجادلة أصعب من اقتلاع الجبال.
وحتى لو هزمت خصمك في مجادلة من المجادلات الفكرية (القومية أو الدينية أو الفلسفية) فلن يعتنق عقيدتك بل سيسحب ما تبقى من جيوشه وأساطيله وسيجر معه ما تيسر من أذيال الهزيمة عائدا إلى قلعته ليخطط للمعركة المقبلة بإصرار أكبر واستعداد أخطر.
المخرج من المأزق هو أن تقدم للناس حلا عمليا معقولا قابلا للتطبيق ينفعهم وينفعك ويرضيهم ويرضيك وليس أن تقدم لهم تشريحا للمشكلة. فالمشكلة مفهومة وإنما الحل هو الممتنع.
أما عندما يقوم الإنسان بتغيير أو تعديل بعض عقائده (القومية والدينية والفلسفية) تعديلا جذريا أو طفيفا فإنه يفعل ذلك بإرادته الفردية حين يتعلم شيئا جديدا أو يخيب أمله في شيء أو يصدم من شيء فيحدث لديه كسر أو تشقق في عقائده مثلما ينكسر أو يتشقق حائط أو جبل بسبب زلزال مثلا.
فالمغاربة المصرون على أنهم عرب أو على أن المغرب عربي منذ ملايير السنين أو منذ عشرات السنين أو منذ تأسيس الدولة الإدريسية (الأوَرْبية من قبيلة Awerba الأمازيغية) لن يغيروا رأيهم الأيديولوجي بسبب طلبك منهم ذلك. وإنما ما يمكن لك أن تقدم للمغاربة هي اللغة الأمازيغية كلغة بحتة ذات هدف منفعي بحت (التواصل، التجارة، الإصلاح، التوعية، التنمية، الدمقرطة…) مثلما يروج الأمريكي لغته الإنجليزية في منتوجاته بدون أن يطلب منك اعتناق عقائده. وإن لم تكن أنت تكتب اللغة الأمازيغية فتمرن على كتابتها ثم روجها وأنتج بها في المواضيع التي تعجبك من علوم وأفلام وألعاب وتجارة وأديان وفنون وسياسة.
وأغلب الناس (حتى المثقفون منهم) يحبون تبسيط الأمور فينسبون هويتهم وثقافتهم إلى اللغة التي يتحدثونها.
لهذا فالناطق بالأمازيغية Tamaziɣt يسمي نفسه بالأمازيغي Amaziɣ.
والمغربي الناطق بالعربية أو بالدارجة أو بالحسانية كلغته الأم يسمي نفسه بالعربي غالبا (حتى لو عرف أن أجداده أمازيغ أو تكلموا الأمازيغية) وربما قد يسمي نفسه بالمعرب أحيانا.
والمغربي الناطق بالفرنسية (قليلا أو كثيرا) يسمي نفسه بـ”الفرنكوفوني” (رغم أن الفرنسية ليست لغته الأم). وإذا استمرت سياسة الفرنسة بالمغرب بالوتيرة الحالية فسيظهر بالمغرب قريبا جيل جديد يتكلم الفرنسية (أو فرنسية هجينة كريولية creole) كلغته الأم وسيسمي نفسه أتوماتيكيا بـ”الفرنسي”. وسيخرج حينئذ من يقولون بأن الفرنسية مكون أو رافد لهوية المغرب “الخالوطة الجالوطة” حسب النظرية التخليطية!
اللغة الأمازيغية هي المدخل الوحيد لحفظ هوية المغرب القومية الأمازيغية وتوسيع استقلاليته عن العرب والفرنسيين والإسبان والبردقيز وبقية الأجانب. والأمازيغية هي المدخل لدمقرطة المغرب وتطويره لأن الأمازيغية هي اللغة القومية الحقيقية للمغرب، وهي لغة غير تابعة لأي دين أو أيديولوجية أو قومية أجنبية.
أما اللغة العربية فهي لغة يسيطر عليها رجال الدين والإسلاميون (المغاربة والأجانب) ويمسكون بمفاتيحها ويحرسون أبوابها ويتخندقون أمام مداخلها ومخارجها ولهذا يصعب أن تلعب اللغة العربية دورا في الدمقرطة والتقدم والتطوير، فكل محاولة للدمقرطة والتطوير بالعربية تقابلها مليون هجمة مضادة بالعربية من الخندق الإسلامي (أما اللغة الأمازيغية فلا يسيطر عليها الإسلاميون لهذا يخشونها ويحاربونها). ومثلما أن الإسلام دين عربي فكذلك العربية لغة إسلامية مرتبطة عضويا بالإسلام بل إنها تطورت داخل الإسلام.
وأما اللغة الفرنسية فإنها تؤدي إلى ترسيخ الطبقية بالمغرب ومسخ ما تبقى من هوية المغرب الأمازيغية وتحويل المغاربة إلى Les Beurs أو Les Rebeus أي إلى أنديجان indigènes يعيشون في كنف فرنسا. واللغة الفرنسية تبرر دوران المغرب في فلك فرنسا وترسخ بقاء المغرب في الملكوت الفرنكوفوني.
وبالتأكيد يجب البدء في التخلص من الفرنسية (والإسبانية) من الآن والبدء في تدريس الإنجليزية للمغاربة (كلغة للعلوم والتكنولوجيا والتجارة الدولية وليس كـ”غول جديد” يكون خليفة لـ”الغول الفرنسي” بالمغرب).
الأمازيغية تؤدي إلى استقلال المغرب بأوسع معانيه لهذا يجب نشر الأمازيغية كلغة عملية مجتمعية حداثية قومية كحالة اللغة التركية في تركيا والماليزية في ماليزيا والألمانية في النمسا والإندونيسية في إندونيسيا.
ولا يمكن التعويل على بضعة مناضلين أو حركة أمازيغية أو معهد ليتولوا لوحدهم أمر الأمازيغية. فقد رأينا سقطاتهم وانبطاحاتهم بين: منبطحين للإسلاميين في قضية الحرف، ومنبطحين لسياسة الفرنسة اللغوية في التعليم، وساكتين عن الترسيم الدستوري المشوه المقزم للغة الأمازيغية، ومنبطحين للأمر الواقع الذي فرضه “القانون التنظيمي” الكارثي، ومنبطحين لنظرية “الهوية المغربية المكوناتية الخالوطة الجالوطة” التي يحددها الأجانب المهاجرون واللاجئون إلى المغرب (يزعم المنبطحون أن هوية المغرب كوكتيل خليط من هويات الأجانب!!! أي أن المغرب لا يملك هوية قومية أصيلة ذاتية بل هو مجرد خليط من الأجانب!!!)
ولا يمكن الاعتماد حصرا على الدولة في نشر اللغة الأمازيغية بعد أن رأينا الترسيم الأعوج المشوه للغة الأمازيغية في الدستور والمقيد بـ”القانون التنظيمي” الكارثي التأجيلي، بل مبادرة الفرد والمجتمع هي الحل.
ومبادرة الفرد والمجتمع قد تكون كتابا أو مدرسة لتعليم الأمازيغية أو جامعة حرة أو مشروعا إعلاميا.
عندما يتكلم ويكتب المغربي اللغة الأمازيغية وينتج بها آراءه ومنتوجاته الفكرية والحياتية فسيقول “أنا أمازيغي” أتوماتيكيا وستكون هويته الأمازيغية الشخصية والقومية بالنسبة له مجرد تحصيل حاصل.
فاللغة هي أقوى مؤثر على الوعي الهوياتي والقومي للإنسان وأقوى معبر عن ذلك الوعي. وترويج اللغة الأمازيغية هو العمل الوحيد الذي له معنى وجدوى في ميدان الأمازيغية. وترجمة كل الأشياء المرتبطة بالحياة اليومية والسياسية والاقتصادية إلى اللغة الأمازيغية هو التطبيق الحقيقي للأمازيغية.
لهذا قدمت للقراء المغاربة كتابي المجاني Tamaziɣt i Yimurakucanen “لمازغيا للمغاربا” (الأمازيغية للمغاربة) لتعليم اللغة الأمازيغية بالحرف اللاتيني بشكل مبسط باستعمال الدارجة المغربية.
إذن فأين اقتراحاتك ومبادراتك العملية الواقعية لترويج اللغة الأمازيغية للمغاربة الكبار قبل الصغار، ولأطفال اليوم قبل أطفال الغد، ولشباب اليوم قبل شباب الغد؟
هل ستساعد إخوتك المغاربة بشكل عملي (بطريقة من الطرق المتنوعة) على أن يتعلموا القراءة والكتابة والكلام باللغة الأمازيغية Tamaziɣt لينتفعوا بها وينتجوا بها ويطوروا المغرب Murakuc باستعمالها أم أنك ستطلب منهم فقط أن يرددوا جملة “كلنا أمازيغ والمغرب أمازيغي وأنا أمازيغي وأنت أمازيغي”؟