لايخفى على  المتتبع للشأن الفكري في المغرب، تزايد الانتاجات الفكرية للدكتور حسن أوريد ، خاصة بعد 2011 .وان كان بعض هذه الانتاجات  كتب قبل هذا التاريخ بكثير. فان الفترة التي نتحدث عنها عرفت إصدارا متزايدا لكتب المؤلف واتساع دائرة متتبعيه. مايهمنا  هاهنا هو الحضور اللافت للأمازيغية في كتاباته بدء من “الحديث والشجن“ إلى اخرما كتب “ رباط المتنبي“. فهو أحيانا يتحدث عن الأمازيغية من خلال وضعها الراهن وماتعيشه هذه الثقافة من تهميش، وأحيانا يرجع بنا الى التاريخ محيلا الى تاريخ شمال افريقيا ومساهمات بعض الأمازيغ الأوائل في الأدب والسياسة وفضلهم على  الحضارة العربية بل الانسانية ( عقبة بن نافع، بن تاشقين اغسطين وأفولاي). فهل ينطلق أوريد من معطيات ذاتية حين معالجته للحركة الأمازيغية أم أن كتاباته اتسمت بالموضوعية  ؟

لعل مرد  حضور الأمازيغية في كتب أوريد  يرجع أولا الى محاولة رد الاعتبار لثقافة طالها تهميشها ، فانبرى هو مدافعا عنها، مكرسا جهده ووقته لذلك، متوسلا برصيد ثقافي،معرفي وتاريخي مهم واطلاع عميق. إضافة أيضا الى أن الحركات الأمازيغية أصبحت تجد أصداء لخطاباتها في بلدان شمال افريقيا، حيث كانت المطالب في البداية اجتماعية، وأصبحت سياسية أو هي في طور التحول الى ذلك، خاصة في المغرب وفي بعض دول شمال إفريقيا، كما في الجزائر وليبيا. 

يقول أوريد  في أول عمل روائي له متحدثا عن الأمازيغية (الحديث والشجن) “ تاريخنا هو تاريخ هذه الارض..عقبة جزء من تاريخنا،وكسيلة جزء من هذا التاريخ،مثلما الكاهنة جزء منه..“ مستشهدا بأمثلة تاريخية للبرهنة على صحة خطابه. فرغم تتابع السنين وتعاقب القرون والأجيال، لم تمت اللغة الأمازيغية رغم ما تعرضت له من محاولات للإجهاز عليها أو إقصائها، تبقى هذه اللغة  حية، وهو مايشير إليه في كتابه من أجل ثورة ثقافية بالمغرب “ وما من شك أن هذه الشخصية، او فلنسمها العبقرية، ثاوية في أقدم ما انتهى إلينا من أجدادنا وهو لغتنا القديمة التي ماتزال حية ألا وهي اللغة الأمازيغية.“

الأمازيغية عند أوريد  ليست فقط  حرف تيفيناغ، اللغة أو المنطوق فقط ،فهو يرفض أن تختزل الأمازيغية في اللغة وحدها و يرى أن اللغة  أعمق من ذلك وتتجاوزه إلى المضمون  الذي هو “ استيعاب المراحل التاريخية لهذه الارض“

فهو لايفتأ يكرر أن سكان افريقا الأولون هم الأمازيغ ،ويدافع عن ذلك في كل مقالاته ومؤلفاته فتارة متحدثا عن أغسطين وأفولاي وغيرهم.فهو يربط الصلة بتراث أجداده  الأمازيغ من خلال الكتابة بلغتهم والتفكير على منوالهم، فثقافة أجداده مختبئة في لاشعورهم كما يقول “هي الثقافة..وهي في لاشعورنا مختبئة..الانهي تفور لاننا كبتناها،ستهدأ وتاخذ مكانها في حياتنا وعلائق حياتنا“

إن مايسعى إليه أوريد هو النهوض بالثقافة الأمازيغية وإعطائها المكانة التي تستحقها داعيا إلى طي صفحة الماضي و الانطلاق لبناء مستقبل يتسع لجميع أبنائه “وليس ببعيد أن تتسم علاقتنا بهم بالتعاون والاحترام ان هم تفهموا ماتقوم عليه أجمة الاحرار من استقلال ونبذ للاستغلال وتعلق بالكرامة. وأجمة الأحرار مستعدة لطي صفحة الماضي استقبالا لعهد جديد يسوده التعاون البناء والاحترام المتبادل “

إن التنظير للأمازيغية حمل مشعله محمد شفيق أكاديميا، من خلال مؤلفاته، أما مايقوم به أوريد والآخرون الآن فهو الانتقال من التنظير الثقافي إلى تعميق المطالب السياسية وتكريسها مع عدم القطيعة مع ماهواجتماعي/ثقافي.

عموما، الأمازيغية حاضرة وستحضر مستقبلا في ماسيؤلفه أوريد، وقد يكون ذلك بنبرة أكثر حدة مما سبق. فما يحسب لأوريد موضوعيا، هو حبه للغة العربية وارتباطه الوثيق بها،بل انه يكلف نفسه الدفاع عنها عندما يتطاول عليها الأقزام. فتوجس بعض التيارات الأمازيغية من مواقفه تجاه العربية ماهو إلا نظرة اختزالية تعتبر الدفاع عن العربية مظنة قد تسيئ للقضية الأمازيغية.