“المال لا يشتري سوى أصحاب القلوب الضعيفة والجبناء” هذا ما كتبته كاترين كراسيي، منذ مدة ليست بالطويلة، وهي تتفاعل مع تدوينة على الفايسبوك لأحد الزملاء الصحافيين المغاربة. 

مرت الأيام فجاءنا نبأ يقول إن كاترين ومعها الصحافي إيريك لورون قد تم توقيفهما من طرف السلطات الفرنسية أمام باب مطعم “رفاييل” بباريس وهما يحملان مالا قدم لهما من طرف وسيط البلاط  مقابل التراجع عن إصدار كتاب قيل أنه يسيء للملك محمد السادس. يوم بعد ذلك ظهرت وثيقة مكتوبة بخط يد كاثرين تحمل توقيعها الى جانب توقيع لورون يتعهد فيها الصحافيان بعدم الكتابة عن المغرب أو الحديث عنه أو كشف المعطيات المتوفرة لديهما أو تلك التي ستكون بحوزتهما بأي شكل من الأشكال. مع نهاية الأسبوع نقلت LEJDD فحوى الاتصال بين إيريك لورون والمحامي الذي يفاوض باسم القصر الملكي حول مبلغ الثلاثة مليون يورو وطيلة هذه الأيام كان محاميا الضنينين يدلون بالتصريحات للإعلام وفي تصريحاتهما يقران بوجود صفقة مالية “لظروف شخصية صعبة”، حسب محامي إيريك لورون، لكن الصفقة لم تأتي نتيجة ضغط أو ابتزاز من الصحافيين!

قد يتحول الصحافي الى مرتزق كما هو حال من يجتهدون يوميا في تبييض وجه أنظمة فاسدة وقد يتحول الصحافي الى قرصان يغتنم الغنائم وسط الأمواج العاتية فينزل الى الشاطئ في يوم هادئ كي يفاوض أصحاب السفن على قيمة الفدية

لا يمكن لعاقل أن يحل محل القاضي ويصدر حكما ضد الصحافيين قبل استجلاء كل الحيثيات والنطق بالحكم النهائي فقرينة البراءة هي الأصل لكن الحجج المادية دامغة وتصريحات دفاع المشتبه فيهم تبعث على الريبة.

تاريخ الرشوة في عالم الصحافة قديم وتاريخ إرشاء الأنظمة السياسية للصحافيين والمؤسسات الصحافية أقدم فقد تبث بالدليل القاطع أن إمارات الشرق الأوسط و أنظمة سياسة في شمال إفريقيا بما فيها المغرب و دولا مثل روسيا قد أكرمت صحافيين وأغدقت المال على عدد من المؤسسات الإعلامية إما لثنيها عن قول ما تراه مسيئا لصورة نظامها أو قادتها أو لدفعها من أجل تلميع صورة هذه الأنظمة السياسية التي ينخرها الفساد.

منذ أشهر ليست بالبعيدة مكننا حساب “كريس كولمان”، وهو حساب مجهول على التويتر، من التعرف على بعض من ملامح هذه العلاقة غير الشرعية التي تجمع نظامنا السياسي بجزء من النخبة الإعلامية في عاصمة الأنوار فنقل على التويتر صورا لمحادثات إلكترونية تطلب المال من مسؤول في جهاز الاستخبارات الخارجي قصد مكافأة صحافيين فرنسيين كتبوا مقالات تحت الطلب في دفاع عن طرح المغرب الرسمي في عدد من القضايا أبرزها الصحراء. وهكذا رأينا كيف كتب صحافيون في L’Express – Point –  Libé – LCI مقالات تحت الطلب بمقابل مادي جعل صحافيا ومحللا معروفا مثل Vincent Hervouët يكتب بمداد المجاملة بعدما جف قلم الموضوعية أمام حرارة المال والامتيازات.

قد يتحول الصحافي الى مرتزق كما هو حال من يجتهدون يوميا في تبييض وجه أنظمة فاسدة وقد يتحول الصحافي الى قرصان يغتنم الغنائم وسط الأمواج العاتية فينزل الى الشاطئ في يوم هادئ كي يفاوض أصحاب السفن على قيمة الفدية لكن وجود هؤلاء لا يحجب شجاعة و شرف من يبحثون عن الحقيقة في أصعب الظروف ويكتبون بالتزام ومهنية دون الارتزاق عند عتبة سلطان أو حمل خنجر في سفينة قرصان.